كوباني.. رجل يأبى أن يترك محله القريب من الحدود رغم تراجع مبيعاته
كوباني – نورث برس
بعد أن هجره جل زبائنه وتراجعت مبيعاته بشكل كبير، إلا أن فواز لا يزال يجلس أمام “دكانه” الصغير، ويصنع أجوائه الخاصة.
لدى الرجل محل صغير أو “دكانه”، لا تتجاوز مساحته أربعة أمتار مربعة، ولا يبعد سوى أمتار من الحدود التركية السورية، في مدينة كوباني، شمالي سوريا.
وأمام محله الصغير يجلس فواز الدرويش ذو (43عاماً) تارة يصنع “المتة” ويشغل نفسه بطقوسها، وتارة أخرى يدعو جيرانه للجلوس معه.
رغم أن زبائنه معدودين، وتجارته خاسرة، إلا أن الرجل لا يفكر بتغيير مكانه أو إغلاق محله، وبات ينتظر زبائنه.
عايَش “الدرويش” الحرب الكبرى التي شنها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، على كوباني، وبسبب ضراوة الحرب وانعدام الحياة في المدينة، حينها، هاجر الرجل إلى تركيا.
لكن بسبب ظروف مرت به هناك في تركيا، وجد الرجل نفسه مضطراً للانتقال إلى أربيل، لكن حنينه لموطنه، دفعه للعودة مجدداً بعد انتهاء الحرب إلى حي الجمارك في كوباني.
ماهي إلا فترة قليلة من الزمن حتى بات الرجل يتأثر بالتهديدات التركية، والتي بدأت بُعيدَ عودته حين غزت تركيا تل أبيض، وسري كانيه/ رأس العين.
لكن التهديدات التي لم تتوقف عند ذلك الحد، أسهمت بتراجع زبائنه، منهم من هاجر لعدم استقرار الأوضاع الأمنية، وآخرون رحلوا من المدينة بعد توالي التهديدات التركية بغزوها، ولكن التأثير الأكبر والذي بات ملحوظاً حين صعّدت تركيا عملياتها وقصفها في الشمال السوري.
وفي العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر، صعدت القوات التركية من عملياتها وقصفها لمناطق في شمال شرقي سوريا، واستهدفت بشكل كبير الشريط الحدودي وقرى خط التماس.
يطلق سكان الحي على محل فواز “البقالية التي لا تخشى شيء”، كنوع من التندر والفكاهة، ويجد نفسه مسروراً بهذا الاسم، يقول إن ما يدفعه للبقاء، هو عمله في إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية، ويجد في محله نوعاً من الترويح عن النفس.
يبيع “الدرويش” في محله حاجيات بسيطة، وبرأس مال قليل، مثل المكسرات والدخان وبعض المواد الغذائية والمعلبات.
وأقصى أماني الرجل أن تتوقف التهديدات التركية عن مدينته وتنتهي الحرب، “لسنا دعاة حرب نبحث عن السلام وإيقاف الحروب وموجات الهجرة التي لم تتوقف منذ 2014”.
لأن ما يشغل باله حالياً الخوف على أطفاله من القصف التركي وإصابتهم بشكل مباشر أو بشظايا القذائف.
لم يغلق فواز دكانه ليوم واحد رغم كل القصف الذي طال المدينة مؤخراً، وحرص الرجل في كل صباح على فتح محله، وتسخين الماء لإعداد المتة، “علينا أن نجمِّل حياتنا بأنفسنا ونعتاد على الأمر ليس هناك حل آخر”.