“جاءت الكهرباء”!.. رحلة سكان السويداء في ساعة الوصل

السويداء ـ نورث برس

“جاءت الكهرباء”!، كلمة كفيلة لتعلن رحلة أقل من 60 دقيقة من الحياة بالنسبة للمواطن السوري، لينهي جميع أشغاله بهذه الدقائق، هكذا تصف ريم نصر (40 عاماً) من سكان مدينة السويداء رحلة حياة السوري في ساعة وصل الكهرباء.

في تلك الدقائق، بحسب “نصر”، يجب على السوري شحن مدخرات الإنارة، والجوالات، وتشغيل غسالة الملابس وصولاً لتحضير الطعام باستخدام الأدوات الكهربائية، ومتابعة التلفاز علّه يذكره بأنه جزءٌ من عالم يعيش عصر التطور.

ومع بداية فصل الشتاء تغير واقع الكهرباء، في السويداء كغيرها من مناطق الحكومة السورية، من سيء إلى أسوء، إذ زادت ساعات التقنين.

وتتساءل “نصر” باستياء، “هل يعقل أن نعيش أكثر من عشرين ساعة بدون كهرباء مقابل أقل من أربع ساعات وصل؟”.

وبحسب “نصر ” فإن الاستحمام في ظل غياب الكهرباء وانعدام المحروقات، أصبح يوصف بـ”المعاناة الكبيرة”، وبات يندرج ضمن أحلام المواطن السوري.

وضجت مواقع التوصل الاجتماعي، بالمنشورات الساخرة على مبدأ “المضحك المبكي”، إذ كتب أحدهم: “للبيع 20 ليتر مي سخنة للاستحمام. الليتر 1750 ليرة، للجادين فقط”، في رسالة توضح حلم الوصل للماء الساخن مع تردي وضع الكهرباء.

ولكن الحكومة كانت مستعدة للرد على تردي الوضع بالنسبة للكهرباء وعلى تذمر الشارع السوري.

وقال وزير الكهرباء في الحكومة السورية، غسان الزامل، خلال اجتماع هيئة المكتب الاقتصادي في القيادة المركزية لحزب البعث، إن سبب التراجع الحاد في التغذية الكهربائية يعود إلى “ارتفاع الحمولات نتيجة انخفاض درجة الحرارة إلى 40 بالمائة، إضافة إلى نقص توريدات الغاز وقصور عمل بعض محطات التوليد”.

تخوف من الأسوأ

يتخوف الكثير من سكان السويداء من ازدياد ساعات التقنين خصوصاً بعد بداية مربعانية الشتاء، إذ يصل التقنين لسبع ساعات قطع، ويختصر سوريون ذلك الواقع بالمصطلح الشعبي “سبعة بلمعة“.

ويعد مطلب تأمين الكهرباء من أهم المطالب التي تنادي بها احتجاجات السويداء المستمرة منذ شهر.

ورغم تعالى أصوات السكان بتحميل الحكومة مسؤولية الفساد الذي أوصل إلى هذا الإهمال والنقص في تأمين الخدمات الأساسية، إلا أن السلطات السورية تأتي مجدداً بحلول لكنها خارج مطالب السكان. 

وأواخر الشهر الماضي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، قانوناً جديداً أدخل بموجبه تعديلات على قانون الكهرباء، يسمح بالاستثمار في ذلك القطاع.

وتسمح تعديلات القانون لوزارة الكهرباء، بترخيص مشاريع المستثمرين الراغبين بالاستثمار في مشاريع التوليد التقليدية والمستقلة.

ويقول أحمد رضوان، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة السويداء، لنورث برس، إن هذا القانون يعتبر بداية الإعلان عن خصخصة قطاع الكهرباء.

ويضيف: “قريباً ستصبح الكهرباء حكراً على فئة معينة. وكأن الشعب ينقصه أعباء ليضاف إليها شراء بضعة واطات من الكهرباء يومياً”.

وأقر مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء في الحكومة السورية، علي هيفا، خلال لقاء مع إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، أنهم يستطيعون تأمين الفيول لتوفير الكهرباء “إن كان المواطن السوري قادراً على دفع 500 ألف عوضاً عن 5 آلاف ليرة”.

وقال “هيفا” بخصوص التقنين الكهربائي، إن “المواطن حين يستطيع دفع سعر الكهرباء الحقيقي، فإن الحكومة يمكنها استيراد الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات توليد الكهرباء وإنتاج الطاقة”.

انعكاسات سلبية

ولعل انعدام الكهرباء في مناطق الحكومة السورية لم يقتصر على قطاع واحد فقد انعكس على خدمات المياه والاتصالات.

يقول مروان الحلبي من أبناء الريف الجنوبي في السويداء، “بسبب عدم وجود خطوط كهرباء خاصة تغذي الآبار توقفت عملية ضخ المياه”.

وانعكس الوضع أيضاً، بحسب ”الحلبي” على الاتصالات، إذ أصبحت شبه معدومة خلال اليوم بسبب عدم تأمين محروقات خلال ساعات التقنين الكهربائي الطويلة، وبذلك تحولت حياة السكان إلى بدائية تفتقد لأبسط مقومات الحياة من مياه وكهرباء واتصالات”.

إعداد: رزان زين الدين ـ تحرير: قيس العبدالله