مناطق الحكومة تعيش عصر الظلام والبدائل ما زالت وعوداً

دمشق ـ نورث برس

تتزايد ساعات التقنين ومشاكل نقص الطاقة كل يوم، ففي العاصمة دمشق تصل ساعات التقنين إلى 10 ساعات يومياً خلال هذا الشهر.

لا يعرف السوريون فيما إذا كانت هنالك نهاية لمعاناتهم اليومية مع نقص المحروقات بأنواعها إضافة للكهرباء، فهل يعقل أن تستمر حياة السوريين طويلاً على هذا الإيقاع الذي يصفونه بغير الإنساني؟، وهل من خيارات أمام الدولة السورية غير انتظار الحل السياسي الذي لا يبدو أي ضوء عبر النفق الذي هوت إليه البلاد؟.

ضاقوا ذرعاً

عبر الكثير من السوريين لنورث برس، عن معاناتهم الكبيرة مع نقص المحروقات بكل أنواعها، وعن صعوبة الحياة مع غياب شبه تام لكل مصادر الطاقة، خاصة في الشهر الأخير من العام الذي تكثر مناسباته.

لكن الحال أن أكثر الأسر لم تستطع تنفيذ ما اعتادت عليه، وهو السفر إلى الأهل والأقارب في المحافظات، لقضاء العطل وسهرة رأس السنة مع بعضهم.

وحالت مشكلة المحروقات لهذا العام دون ذلك، سواء لمن سيستخدمون المواصلات العامة، أو أصحاب السيارات الخاصة بعدما تأخرت رسائل البنزين إلى 25 يوماً، ومع الارتفاع الكبير في أسعار البنزين الحر إلى ما يقارب 15 ألف ليرة لليتر.

يدعوا للكآبة

كل تفصيل في الحياة أصبح مشكلة كما تقول الشابة ريتا حداد، وتؤكد أن انقطاع الكهرباء الطويل يعطي مشاعر “كآبة دائمة”، فالحمام مشكلة وشحن الجوال مشكلة خاصة إذا كان مثل جوالها يحتاج للشحن بشكل دائم لأنه من جيل قديم.

وتضيف “حداد” لنورث برس، إنه مع صعوبة تأمين المازوت تصبح الكهرباء هي مصدر الحصول على الدفء الوحيد، “وبالكاد تحمر أسلاك دفاية الكهرباء حتى تنقطع”.

وتقول: “لولا اختراع اللدات كان حال السوريين خلال هذه السنوات يدعو للشفقة”.

استخدام السوريون للكهرباء في كل شيء يفاقم المشكلة، حيث يستخدمونها للطبخ وقد تم الاستغناء عن الغاز تقريباً في معظم المنازل ودرج “الطباخ” الذي يعمل على الكهرباء.

تقول ربة البيت بتول محمد، إنها تنتظر الكهرباء كل النهار لتطبخ، وإذا استمر التقنين خلال النهار فتنتظر قدومها لتطبخ حتى لو جاءت في منتصف الليل، وعلى أسرتها خلال هذا الوقت أن تتدبر أمرها و”تسكت جوعها” بتناول ما هو متوفر في البيت من مواد المونة كالزيت والزيتون.

والحال ذاته ينطبق على الحمام، رغم أن الكثير من العائلات عادت إلى استخدام “البابور” وتسخين الماء ببراميل مخصصة لذلك، ولكن مازال الاعتماد الأكبر على الكهرباء لتسخين الماء في المنازل التي لا يمكنها استخدام هذه “الاختراعات الجديدة”.

“معقد للغاية”

مصدر في وزارة الكهرباء قال لنورث برس، إن وضع الكهرباء في سوريا “معقد للغاية” وإنه يتطلب حلولاً استراتيجية، وأخرى إسعافية.

وبين المصدر أنه يمكن للدولة السورية أن تعهد بموضوع استيراد المشتقات النفطية للقطاع الخاص، على أن يتم بيعها بأسعار معقولة تراقبها الدولة، وهذا يخفف من الاعتماد على الكهرباء في كل الاستخدامات المنزلية، ويساهم في توفير الكهرباء لاستخدامات أخرى كالإنارة والكهربائيات المنزلية الأخرى.

وأشار إلى أن هنالك مشاريع استراتيجية تعمل عليها الحكومة مثل “التركيز على مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر أخرى كالرياح والشمس”، ولفت لوجود خطة حكومية للعمل على استثمار هذه المصادر.

وأضاف المصدر أن مشكلة الكهرباء في سوريا أيضاً تأتي من اعتمادها في إنتاج الكهرباء على مشتقات نفطية من غاز وفيول والكميات من هذه المواد غير كافية لتشغيل محطات التوليد.

وأشار إلى أن أماكن إنتاجها تقع في مناطق خارج سيطرة الدولة، كما الحال مع مصادر الطاقة المائية من محطات التوليد الموجودة على كل من السدود (تشرين، الثورة، البعث)، حيث كان بالإمكان إنتاج نحو 1500 ميغاواط ساعي من هذه المصادر، وتأمين نحو 30% من الحاجة.

وبين المصدر أن إنتاج 1000 كيلوواط ساعي يكلف الحكومة السورية نحو 500 ألف ليرة في المحطات التي تعمل على الفيول، بينما تبيع هذه الكمية للمواطنين بسعر لا يتجاوز 5 آلاف ليرة، وهذا جعل الحكومة السورية تقدم التسهيلات للتوجه نحو الطاقة الشمسية من خلال منح قروض تتراوح بين 10 ملايين ليرة وبشروط ميسرة حيث تدفع الدولة الفوائد، ويمكن تقسيطه على مدار عشر أو خمسة عشر عاماً.

إلا أن الأوضاع الاقتصادية الضاغطة جعلت التوجه نحو هذه الخيارات بحدودها الدنيا، خاصة أن الحكومة تركت أمر استيراد هذه المعدات للتجار، فجاءت أسوأ أنواع التجهيزات بأعلى الأسعار كما أكد بعض من غامر ودخل في مشاريع الحصول على الطاقة الشمسية.

وشاع مؤخراً الحصول على ألواح من إدلب مصدرها أميركي، وبين من استخدمها أن المعدات مستعملة لكن جودتها أفضل، إلا أن تكاليفها المرتفعة أيضاً تجعلها حكراً على فئة محدودة.

تكفي

أضاف خبير طاقة لنورث برس، أن العمل على تأمين طاقة بديلة لا بديل عنه أمام الحكومة السورية.

وبين أن استخدام طاقة الرياح يؤمن لسوريا حاجتها من الكهرباء من منطقتي تدمر وحمص فقط. ولكن هذا يحتاج لخطة عمل تتبناها الدولة السورية، ونتائجها أفضل من الاعتماد على الطاقة الشمسية، لأن الطقس في سوريا مغبر، وهذا يجعل الألواح بحاجة للتنظيف بشكل دائم.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله