أعداد المتسربين من العمل في مناطق الحكومة تهدد صناديق التأمينات بالإفلاس

دمشق ـ نورث برس

تشير الإحصاءات المتداولة في مناطق الحكومة السورية إلى أن عدد العمال الذين تركوا عملهم خلال الحرب السورية، يقارب المليون شخص، وهو ما يهدد صناديق التأمينات بالإفلاس ويكبد الدولة خسائر كبيرة.

وهذا العدد بحسب الإحصاءات، يتوزع بين 900 ألف عامل في القطاع الخاص، و30 ألف عامل في القطاع العام.

ونقل عن غرفة صناعة دمشق، أن هذه الأعداد تسربت إما بسبب الحرب وذلك نتيجة النزوح أو الهروب من خدمة العلم، وإما بسبب الهجرة خارج البلد مع غياب الأمل بالحصول على فرصة أفضل في الحياة مع الظروف الاقتصادية الضاغط.

خسائر بالمليارات

وهذا تسبب بخسائر كبيرة للقطاعين قدّرتها غرفة الصناعة بنحو 300 مليار ليرة للقطاع الخاص لوحده، تتوزع على المحافظات الأبرز في سوريا، كدمشق وريفها وحلب وحمص وحماة.

يؤكد صاحب معمل لصناعة الحلويات في دمشق، فضل عدم ذكر اسمه، أنه خسر معظم عماله، لأنه لا يستطيع تحسين دخولهم بما يغطي تكاليف الحياة.

وأشار في حديث لنورث برس، إلى أنه كان يدفع راتباً يصل إلى 200 ألف ليرة قبل عامين من الآن  لكل منهم، ورغم أن هذا مبلغ كبير قياساً بالتكاليف وبقيمة الأجور في سوريا لكنه لا يكفي لتكاليف المعيشة التي ترتفع كل يوم.

وقال إن أكثر العمال الذين كانوا يعملون لديه وهاجروا يتواصلون معه، ويحدثونه عن الفروقات الهائلة في الحياة والدخل بين ما كانوا عليه في بلدهم، وبين شروط العمل المريحة في أندونيسيا مثلاً.

ويتوقع صاحب معمل الحلويات، أن يستمر هذا الاستنزاف في الكوادر البشرية مع ظروف العمل الصعبة وإغلاق الكثير من المعامل بسبب صعوبة تأمين المحروقات والتضييق على المنتجين بالقرارات والشروط التي تصدر بين الفينة والأخرى.

وأكد عضو في غرفة صناعة دمشق، لنورث برس، “النقص الكبير” الذي يعاني منه أرباب العمل في اليد العاملة الخبيرة في معظم المجالات بعدما أصبح العمل في سوريا “بلا أفق للشباب”.

وأشار إلى أن هذا من “أكبر المخاطر” التي ستواجه الاقتصاد السوري، خاصة مع سياسة الترغيب التي تعتمدها بعض الدول الغربية والعربية التي تحتاج للأيدي الماهرة في تنشيط اقتصادها، على عكس الحال في سوريا، حيث يفقد العاملون كل يوم الأمل بحياة أفضل مع غياب الحلول الاستراتيجية والآنية.

ووصف المصدر العمالة في القطاع الخاص بأن أغلبها “غير حاصل على الشهادات العلمية، وأن نحو 70% منهم حاصلون على الشهادة الابتدائية”، ولكنهم يتميزون بمهارات حرفية عالية يتوارثونها ويتقنونها منذ صغرهم.

وشدد على أهمية الإنتاج، وأنه دون رعاية الإنتاج بكل أنواعه فـ”الدولة تضيع المزيد من الوقت، لأن المطلوب للبدء بالحل هو ضمن الممكن والمتاح ويتلخص في رفع العقبات والعراقيل كخطوات أولى للحل”.

عوامل كثيرة

في حين استفاض صناعيون من غرفة الصناعة في الحديث عن المشاكل الكثيرة التي يعانيها أصحاب العمل والتي تنتهي دائماً بتسريح العمالة التي لا تجد طريقاً أخر غير السفر.

ومن تلك المشاكل، ارتفاع أسعار الطاقة الذي تسبب بارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن، والضرائب بمختلف أنواعها، وكلها أسباب أدت لارتفاع التكاليف ومن ثم الأسعار في الأسواق، وجمود في حركتها.

أما مشاكل العاملين في القطاع العام فهي غنية عن التعريف، سواء من حيث انخفاض الدخل، أو بيئة العمل المنفرة في مؤسسات تفتقد للإدارات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة، أو قدم الآلات وترهلها.

وبالتالي يتسبب ذلك بإنتاج دون المستوى المطلوب من حيث الكم والنوعية أيضاً، حسب رأي مدير سابق في القطاع العام الصناعي لنورث برس، مضيفاً أن تحسين هذا الحال يحتاج إلى رأس مال لم يعد متاحاً.

في حين وصف خبير اقتصادي تسرب هذا العدد من العاملين في الدولة بالكارثة، لأن وجود ما يقارب المليون مستقيل من العمل يعني أن التأمينات الاجتماعية ستعاني من شح الموارد مستقبلاً.

وبحُسبةٍ اقتصادية يشير الاقتصادي لنورث برس، أن “خسائر التأمينات من وراء كل مستقيل تصل إلى 21% شهرياً تتوزع بين نسبة 7% من راتبه، و14% من رب العمل”.

وبين أنه إذا كان راتب المستقيل 100 ألف ليرة، فخسارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية من استقالة 800 ألف عامل تصل إلى ما يقارب 17 مليون ليرة شهرياً، وأكثر من 20 مليار ليرة سنوياً.

وأضاف المصدر أن قيمة الرواتب التي تدفعها مؤسسة التأمينات للمتقاعدين تصل إلى نحو 5 مليارات ليرة ونصف، والمبلغ السابق (17 مليون شهرياً) يعني خسارة التأمينات لموارد تغطي رواتب المتقاعدين لشهرين.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله