إلى أي درجة تسيطر الحكومة على الجنوب السوري؟

درعا/ السويداء ـ نورث برس

ما يميز الجنوب السوري موقعه الجيوسياسي، وهو ما جعله مكاناً للصراع على الاستحواذ، ليبقى الصراع بين إرادة أبناء الجنوب وفرض القوة من قبل الحكومة السورية وحلفائها هو سمة المشهد في الجنوب.

علي عزام اسم مستعار لأحد سكان الريف الغربي في محافظة درعا، يقول لنورث برس، إن أدوار السيطرة على درعا تتبدل بين المخابرات الجوية والعسكرية، ولكن هدف واحد مشترك بين تلك السيطرة، وهو “أخذ الإتاوات، وجمع المكاسب المادية والتجارة بالمخدرات”.

ماذا قدمت السلطات؟

وبذلك يبقى الجدل قائماً حول ماذا تقدم السلطات السورية في الجنوب السوري لفرض الاستحواذ من عدمه.

الكاتب  الصحفي حافظ قرقوط، يقول لنورث برس، إن التعريف العام للسلطات الحاكمة هي “السلطة التي تفرض وجودها من خلال الخدمات التي تقدمها للمواطنين بالإضافة إلى تأمين الأمن”.

وبالمقارنة مع السلطات السورية، “نجد أن الأخيرة تعيش انهياراً في الحالة الأمنية نتيجة التسلط الأمني بالإضافة لعدم قدرتها على تأمين أي نوع من الخدمات”، بحسب الكاتب الصحفي.

وعلل الكاتب سبب هذا الانهيار، أن السلطة السورية عبارة عن “بؤرة للفساد وأصبح هذا الفساد يدير الحالة العامة”.

جميع هذه العوامل، بحسب قول “قرقوط”، جعلت الحكومة السورية “متآكلة في الجنوب السوري لا تستطيع أن تقدم أي شيء للسكان، وعلى ذلك أصبح هنالك شرخ بين الحكومة والسكان وحتى الموالين منهم”.

ما الواقع على الأرض؟

إبرام المصالحات محاولات حكومية قوبلت في الجنوب السوري بالاستمرار في الاحتجاجات، وبذلك يرتسم المشهد العام المتمثل بالرفض الشعبي لتواجد المجموعات الأمنية في الجنوب.

يقول “قرقوط” إن ما يجري في درعا “ظاهرياً هناك مصالحات، ولكن في الواقع هناك سيطرة للفصائل في الكثير من مناطق درعا”.

وكان رفض حوالي ثلاثين ألف شاب من السويداء الالتحاق بالخدمة، يمثل إعلاناً صريحاً بعدم القبول بسيطرة الحكومة في السويداء.

وينوه “قرقوط” إلى أن السلطات السورية لم تستطيع “إغراء” شباب السويداء بالالتحاق بالجيش رغم محاولاته الحثيثة، إن كان بـ”الاستعانة بضباط متقاعدين أو الاستعانة برجال الدين ووجهاء إضافة إلى استعانتها بقيادات حزب البعث”.

ويضيف أن المحاولات تكررت من الجانب الروس لإيجاد صفقة مع الشباب ليتحلقوا بالخدمة في مناطقهم أو في مناطق قريبة من محافظة السويداء “ولم تنجح”.

ويشدد “قرقوط” على أن “الضغط المعنوي الذي شكله الجنوب على النظام كبير، وأن رسالة السويداء أمام الرأي العالمي كانت مدوية، وتؤكد أن الشعب ما زال على أهدافه بإسقاط هذا النظام”.

ويشير الكاتب الصحفي إلى أنه “لا وجود ولا حضور حقيقي للسلطات في الجنوب السوري. فقط بعض الأذرع الأمنية والعصابات المدعومة”.

هل الوضع مستقر؟

ويقول المحلل العسكري والاستراتيجي، أحمد حمادة، لنورث برس، إن منطقة الجنوب السوري كانت تعتبر منطقة خفض التصعيد “وبعد أن خُذلت المعارضة من حلفائها في تلك المنطقة أُجبروا على توقيع اتفاق إما الخروج إلى الشمال أو وضع السلاح الثقيل جانباً”.

وأضاف أن “هذه الاتفاقية المذلة ليست نابعة من قلب معارضي النظام السوري في تلك المنطقة”.

وأشار إلى “النظام” المتحكم بالسوريين منذ 50 عاماً “نقض هذه الاتفاقيات أكثر من مرة وبرعاية روسية، حيث تم اعتقال 400 صف ضابط وضابط وعسكري منشق، 48 منهم من لقوا حتفهم في سجون النظام”.

وعليه، فإن الوضع في الجنوب لا يزال “غير مستقر”، بحسب المحلل العسكري، وأن هذه الاتفاقات “هشة”، بحيث “نرى التصعيد في مناطق درعا البلد طفس ووادي اليرموك وجاسم وفي مناطق أخرى”.

وشدد “حمادة” على أن “سيطرة النظام السوري شكلية، والثورة موجودة في قلب الكثيرين، حتى لو كان هناك وجود للفرقة الرابعة والحرس الثوري الإيراني أو الأمن العسكري”.

والسويداء من المناطق التي “ثارت منذ البدايات”، بحسب “حمادة”، ولكن “بوتيرة أقل، فلم يحملوا السلاح ولكن كان هناك بعض المطالب المدنية برفض الخدمة الإلزامية في جيش النظام وبرفض دخول الجيش وعدم العودة إلى ما قبل 2011”.

وبيَّن أن الأحداث الأخيرة في المحافظة بالظاهر “خرجت للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، إلا أن السبب الرئيسي هو المطالبة بإسقاط النظام”.

وشدد المحلل العسكري على أن “النظام السوري عاجز عن مواجهة السكان، لذلك تفرد في بعض الاتفاقيات مع بعض الفصائل المحلية واعتمد على الفصائل الإيرانية والشبيحة، ورغم ذلك هو خائف من ثورة ثانية أو من ثورة شعبية قوية تجتاح كل المجتمع السوري”.

والسويداء لها “حساسية معينة”، بحسب “حمادة” على اعتبار أن “النظام كان يقول إنه يؤمن الحماية للطوائف، ولكن نراه بأول مناسبة بهذه التظاهرات قتل المتظاهرين، وبذلك سقطت هذه المقولة أو هذه الشماعة”.

إعداد: إحسان محمد/ رزان زين الدين ـ تحرير: قيس العبدالله