الرقة .. نازحات تجمعن الحطب لحماية عائلاتهن من برد الشتاء

الرقة – نورث برس

في كل صباح تذهب مريم باكراً إلى الأراضي الزراعية القريبة من مخيمها حيث تقطن مع عائلتها، لتجمع الحطب، غير آبهة ببرودة الشتاء القاسية.

لا تعبئ المرأة بتجمد أطرافها، والشوك الذي يوخز يديها، إذ أن جلّ همها إحضار الحطب الكافي لدفء عائلتها، في ظل الانخفاض الكبير بدرجات الحرارة ليلاً.

مريم الخليف (60عاماً) نازحة في مخيم اليوناني نحو 1 كم جنوبي الرقة على الضفة اليمنى لنهر الفرات، تجد نفسها مجبرة على ذلك، إذ لم يستلموا مخصصات التدفئة الشتوية من مادة المازوت.

ولا تقف المرأة عند حد معين بجمع الحطب، حيث ترغب بتخزين ما يكفي لأشهر تحسباً من أيام أشد برودة من تلك التي مرت.

تقول “الخليف” إنهم يضطرون لإشعال الحطب واستخدامه بالتدفئة، ليقوا أطفالهم خطورة البرد القارس، لكن في حال هطول الأمطار لن يستطيعوا إشعال النيران بسبب تسريب خيامهم مياه الأمطار.

وتجمع نساء المخيمات العشوائية الحطب من الأراضي الزراعية القريبة، ويستخدمونه في التدفئة في ظل عدم استلامهم لمخصصات التدفئة الشتوية.

وتقطن في مخيم اليوناني العشوائي قرابة 250 عائلة، ينحدر غالبيتهم من مناطق الرصافة والزملة وريف حماة، الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية

وفي عدم توفر الحطب تجمع “الخليف”، وأقرانها أكياس النايلون والبلاستيك والأحذية، للتدفئة كبديل عن الحطب، الأمر الذي أدى إلى إصابة زوجها واطفالها بأمراض صدرية بسبب الرائحة المنبعثة منه.

وبلهجتها العامية، تشير، “صرنا بنص الشتوية وما سلمونا مواد تدفئة، حالتنا حالة، ونرجف من البرد”.

ويعاني نازحو مخيم اليوناني العشوائي جنوبي الرقة من قلة الدعم والمساعدات بما في ذلك مازوت التدفئة، ويضطرون لإشعال البلاستيك والأحذية، والتي تسبب أمراضاً بسبب الدخان.

وكحال سابقته يُرسل إبراهيم العبد الله (50عاماً) وهو من نازحي مخيم اليوناني، زوجته لتجلب الحطب من الأراضي الزراعية على رأسها، ورغم تعبها في جلبه إلا أن العائلة مُجبرة على ذلك، حيث لا سبيل للتدفئة لديهم سوى ذلك.

يقول “العبد الله”، إن الجهات المعنية بتسليم مخصصات التدفئة الشتوية، يعدونهم بالتسليم من تموز/ يوليو الماضي، وإلى الآن لم يستلموا ليتراً واحداً.

وأمام كثرة الأمراض التي أصابت أطفاله نتيجة الدخان، طالب الرجل بالمخصصات مراراً، لكن أحد لم يستجب لمطالبه، وفق قوله.

ورغم توالي الرفض وعدم الاستجابة لمطالب النازحين في المخيم، إلا أن فرج الحسين (65عاماً) لا يزال على أمل أن يستلم مخصصاته، على الرغم من مضي نحو نصف الشتاء. 

وتخصص الإدارة الذاتية كمية 300 ليتر من مادة المازوت لكل عائلة في فصل الشتاء، بسعر 150 ليرة لليتر الوحد بعد أن خفضت الكمية التي كانت تبلغ 400 ليتر، ورفعت السعر بعد أن كان بـ75 ليرة.

ما يبقي الرجل على أمل الاستلام أنه مجبر على ذلك، في ظل ارتفاع سعر المازوت في السوق السوداء، ويصل سعره إلى 2200 ليرة، حيث يعجز غالبية النازحين عن شرائه من السوق السوداء.

ويطالب “الحسين” الجهات المعنية بالنظر بأمر المخيم والنازحين وتقديم المساعدات لهم، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والتي تزداد سوء مع تدهور قيمة الليرة، وانعدام فرص العمل.

إعداد: فاطمة خالد – تحرير: أحمد عثمان