مزارعون على خط التماس في منبج: “حالنا يشبه المقامرين”
منبج – نورث برس
اضطرعيسىلزراعة أرضه رغم عدم يقينه بأنه سيجي المحصول، ولكن لا مصدر رزق آخر لديه.
وفي قرية اليالني شمال غربي منبج الواقعة على خط التماس بين مجلس منبج العسكري والقوات التركية والفصائل الموالية لها، يتمنى عيسى الجميل (36 عاماً)، أن تخف وتيرة القصف على الأراضي الزراعية، حتى لا تذهب التكاليف الباهظة التي دفعها لزراعة أرضه سدى.
وعلى خطوط التماس في منبج، يخشى مزارعون أن تعرض محاصيلهم للاحتراق على غرار العام الفائت ويتكبدوا خسائر نتيجة القصف وسقوط القذائف على الأراضي الزراعية.
ويصف “الجميل”، حال المزارعين على خطوط التماس والقرى الحدودية التي تتعرض للقصف التركي المستمر بـ “المقامرين”، لأنهم يدفعون مبالغ طائلة في أراضيهم “مجهولة المحصول”.
ويتخوف المزارع من أصوات القصف والقذائف التي تقع في الأراضي الزراعية، وفي كل يوم يتعاظم هذا الخوف في نفس الرجل من مأساة متوقعة.
وتشهد قرى خط التماس في منبج قصفاً متكرراً من قبل القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، بقذائف الهاون والمدفعيات ورشق بالرصاص الحي، تستهدف تلك القرى بشكل عشوائي.
ويطالب “الجميل” كما باقي سكان قرى خط التماس، المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، بإيقاف الاعتداءات التركية عليهم وعلى كافة الاراضي السورية.
ومنذ بدء التصعيد التركي الأخير على مناطق شمال وشرق سوريا، والتهديد بشن عملية عسكرية برية، بدأ هاجس الخوف من الهجوم البري وموجات النزوح الكبيرة وخسارة أراضيهم ومحاصيلهم وممتلكاتهم ينتاب سكان قرى واقعة على خط التماس.
وفي العشرين من الشهر الماضي، صعّدت القوات التركية هجماتها ضد مناطق شمال شرقي سوريا، وقصفت الشريط الحدودي من ديرك شرقاً حتى منبج غرباً ومناطق بريف حلب الشمالي، ولا زالت تقصف مناطق بشكل متقطع.
هذا الحال، يجعل خالد متردداً في الذهاب إلى أرضه للعمل بها، في ظل عشوائية القصف وكثافته المتقطعة.
يقول خالد الأحمد(47عاماً)، من سكان قرية الكاوكلي غربي منبج، إن وغالبية القذائف تقع في الأراضي الزراعية القريبة من القرية، وهو ما يمنعه من الاعتناء بمحصوله.
يضيف “منذ أن أصبحت قريتنا خط تماس لم نعرف الهدوء يوماً والخوف من كل شيء يملئ قلوبنا، فتارة نخاف على أنفسنا وأطفالنا وتارة أخرى نخاف على أرزاقنا ومحاصيلنا التي لا تسلم من القصف التركي”.
وفي العام 2017 أصبحت قرى في منبج، تفصل بين مجلس منبج العسكري، وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا، مع إنشاء قواعد للقوات التركية تطل على تلك القرى وتستهدفها في الغالب، بعد عملية أطلقت عليها أنقرة اسم “درع الفرات”.
ويعتمد “الأحمد” كما غالبية سكان قرية الكاوكلي، على الزراعة في تأمين قوتهم، ولكن القذائف التركية تكاد تحرمهم من مصدر رزقهم الوحيد.
ويتسبب القصف التركي بخسائر للمزارعين، حيث تسبب القذائف بحرائق هائلة تلتهم مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المزروعة بالقمح.
وأما حلوم العبد (32عاماً) وهي من سكان قرية قرت ويران غربي منبج وأرملة تعيل أيتاماً، وتعتمد في ذلك على زراعة أرضها التي تركها لها زوجها، إلا أن مخاوفاً بدأت تجتاح المرأة أيضاً بسبب استهداف القوات التركية للأراضي الزراعية والعاملين فيها.
ومع دوي أصوات القذائف تخرج “العبد” لترى إذا ما كانت قد وقعت في أرضها، ومع تقادم الأيام باتت المخاوف تكبر لدى المرأة، خاصة أن القصف التركي تسبب بحرق محصولها من القمح العام الماضي وتكبدت خسائر.