في ظل فقدان المعيل ومرارة النزوح.. كيف تتدبر أرامل بمخيم شمالي الرقة حياتهن؟

الرقة – نورث برس

تحتار نورا بين تأمين حاجيات عائلتها وأدوية ابنها المصاب بالاختلاج، وهذا ما زاد من معاناتها كامرأة نازحة وأرملة في آن واحد.

نورا العلي (38عاماً) نازحة في مخيم حتاش نحو 30 كم شمالي الرقة، شمالي سوريا، ترملت منذ ثلاث سنوات وترك لها زوجها الشقاء في النزوح، وابن يطلب الدواء بشكل دائم بسبب مرضه.

وتعاني الأرامل في مخيمات النزوح العشوائية منها والنظامية، في ظل فقدان المعيل ومقاساة ظروف معيشية وإنسانية صعبة.

تعمل “العلي” في الأراضي الزراعية لتأمين قوت عائلتها اليومي، إلا أن ما تتقاضاه لا يكاد يكفي ثمناً للخبز، لذلك تضطر لأخذ أولادها الأربعة الآخرين للعمل.

تقول المرأة، إنها تعاني من القلة وبحاجة للدعم من قبل المنظمات الإنسانية، لا سيما أن خيمتها كما باقي نازحي المخيم مهترئة ولا تقيها برد الشتاء وحرارة الصيف.

وتضيف لنورث برس، أن عملها موسمي في الأراضي الزراعية وهذا لا يلبي تكاليف معيشتها ومتطلبات عائلتها، لا سيما في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار.

وارتفعت الأسعار بشكل عام خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تدهور متسارع أصاب الليرة السورية، حيث وصل سعر صرفها إلى أكثر من 6700 للدولار الواحد.

ونتيجة عدم قدرتها على مجاراة الأسعار وتأمين مصاريفها، لجأت شام الحسين (30عاماً) وهي أرملة ونازحة في مخيم حتاش إلى المكوث في خيمة والدها.

لم تستطع الشابة التي ترملت منذ نحو ست سنوات أن تُعيل طفلها الوحيد من عملها في المياومة، إذ أنها لا تعمل سوى بضع ساعات، وتلك لا تكفي لفتح بيت، على حد تعبيرها.

وتعمل النساء الأرامل وغيرهن من النازحات في المخيمات العشوائية في الأراضي الزراعية القريبة منهن، ويتدبرن في ذلك جزءً من مصاريف عائلاتهن، كما يعملن بجمع البلاستيك وعبوات المشروبات الغازية من النفايات لبيعها.

وبعد أن تزوج أولادها الكبار، بدأت سهام العلي (51عاماً) بالعمل في الأراضي الزراعية مع ابنتها وطفليها الصغار لتأمين مصاريفهم اليومية.

تقول “العلي”، إن أولادها باتوا يهتمون بعائلاتهم وتركوها تصارع مشقة النزوح وصعوبة تأمين المعيشة في ظل أوضاع صعبة يعانيها نازحو المخيمات.

وتعمل المرأة أحياناً في الأراضي الزراعية لتأمين الحطب، لتستخدمه في التدفئة والطبخ ورغم تأثيره السلبي على صحتها، إلا أنها مُجبرة على ذلك إذ لا قدرة لديها على شراء المحروقات.

تضيف في حديث لنورث برس، أن أولادها المتزوجين لحقوها لتقاسم بضع رؤوس أغنام بعد وفاة والدهم، رغم ذلك فإن تلك الماشية لا تُؤمن ثمن الخبز وباتت تستهلك أكثر مما تُنتج.

ولا تتوفر أعداد محددة ودقيقة عن النساء الأرامل في المخيمات العشوائية والنظامية بالرقة، بسبب ضعف الإحصائيات والاهتمام بتلك الدراسات.

وبعيداً عن الجبهات النشطة، أصبحت الحياة اليومية للنساء والرجال والأطفال السوريين أكثر صعوبة وخطورة من أي وقت مضى، حيث يعاني 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي ويحتاج عدد غير مسبوق من السكان وهو 14.6 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية.

في تقرير “مخيمات الأرامل في سوريا” الذي صدر عن لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، الأصعب للوصول إليها والأكثر عرضة للخطر” كشف أن الغالبية العظمى من النساء اللّاتي شملهنّ الاستطلاع (95٪) لديهنّ مشاعر سلبية أو أنهنّ يشعرن باليأس مع عدم إمكانية الوصول إلى خدمات دعم الصحة النفسية.

وبحسب التقرير، أن 88٪ من النساء أبلغن عن نقص في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والمأوى المناسب والحماية.

وبعد تقدمها في العمر باتت جازية السويد (65عاماً) تبحث عن دعم المنظمات الإنسانية لها، بعد فقدها للمعيل من زوج وابن، وتعاني نتيجة سوء أوضاعها المعيشية.

وتأمل المسنة، بالتفات المنظمات لدعمهم بسلال غذائية، في ظل عدم قدرتها على العمل بالمياومة، نتيجة كبر سنها.

إعداد: إبراهيم العيسى – تحرير: أحمد عثمان