“فوقنا مطر وتحتنا مي”.. نازحو مخيم شمالي الرقة يقضون لياليهم وقوفاً
الرقة – نورث برس
يحاول ظاهر أن يُخرج ملابس لأطفاله لتقيهم برد الشتاء، يبحث الرجل في الملابس القديمة، ولا يجد سوى الممزقة منها، ويطلب من زوجته أن تُعيد ترقيعها، إذ لا قدرة لديه على شراء ملابس أخرى جديدة أو حتى من البالة.
ويشكو ظاهر السويد (36عاماً) وهو نازح في مخيم حتاش نحو 30 كم شمالي الرقة، شمالي سوريا، سوء حاله وأقرانه في المخيم، ويُطلق الرجل نداء استغاثة، لتردي أوضاعهم في المخيم.
ويعاني نازحو المخيمات العشوائية في الرقة من ظروف إنسانية صعبة، في ظل شتاء قارس تمر فيه المنطقة، حيث تفتقد المخيمات لوسائل التدفئة والمحروقات، واهتراء في الخيام ونقص في المستلزمات.
يقول “السويد”، إن أولادهم يعانون من البرد الشديد ويصف بلهجته “العجاوين مخورين، خشبوا من البرد، والخيام تخّت فوق رؤوسنا من المطر”، في إشارة لمعاناة الأطفال وتهالك الخيام.
ويطالب النازح المنظمات بدعمهم بمادة المازوت للتدفئة الشتوية، وكذلك تقديم مساعدات غذائية في ظل “وضعهم المأساوي”، لا سيما بعد تعرّض الأطفال للأمراض نتيجة دخان المواد التي يقومون بإشعالها طلباً للدفء.
ويلجأ النازحون في المخيمات العشوائية لوسائل بديلة للتدفئة، منها الحطب الذي يجمعونه من الأراضي الزراعية، والبلاستيك والأحذية التي يجمعوها من النفايات.
وأمام خيمتها التي تصفها بأنها “شقاق بيت”، تقف فطومة الحسين (64عاماً) وتشكو حال سكان المخيم، وتقول المسنة إن الأطفال “عريانين وحافيي الأقدام”.
ولمواجهة البرد القاسي تُرسل المسنة أولادها لجمع الحطب من الأراضي الزراعية، وفي ظل نقص الحطب تساند أولادها في جمع قصب الذرة بعد حصادها.
وعلى الرغم من مخاطر ما تجمعه وتسبُّبه بالأمراض نتيجة الدخان الكثيف، إلا أن لا حل لديهم سوى ذلك، في ظل قلة الدعم من قبل المنظمات الإنسانية.
تقول “الحسين”، إنه لا قدرة لديهم على مجاراة ارتفاع الأسعار، وشراء الحاجيات في ظل نقص في الخبز وقلة في الدعم.
وتتوزع في الرقة مخيمات عشوائية ويبلغ عددها 58 مخيماً، تعاني ظروفاً اقتصادية وإنسانية صعبة في ظل تراجع عمل المنظمات في شمال شرقي سوريا.
ونتيجة قلة وسائل التدفئة، مرض أولاد عيد المحمد (43عاماً) جميعهم ولم يستطع الرجل أخذهم إلى الطبيب بسبب صعوبات مادية يعاني منها.
ويقول، إن أطفاله يعانون من التهابات تنفسية وكريب، وكذلك حصبة، ويصف حالهم “نحن تعبانين لآخر درجة”.
وانتشرت في الآونة الأخيرة، انفلونزا مجهولة تسبب بوفيات في مناطق متفرقة من شمال وشرق سوريا، ويشكل خطرها الأكبر على الأطفال.
ويضيف: “ذبحنا البرد والشتا القاسي، المي فوقنا وتحتنا”، ويطالب الرجل بتبديل خيامهم ودعمهم بخيام جديد تقيهم من الأمطار.

وكما حال سابقها، تُطالب فطيم العمر (60عاماً) بخيام جديدة، ودعم المنظمات لهم بالشوادر والخيام، وكذلك المساعدات الغذائية، “والله حتى الوسخ قاتلنا، ما نقدر نشتري صابون”.
وتعرضت المسنة، كباقي سكان المخيم، لليلة ماطرة، حرمتها وغيرها النوم ليلاً وكذلك لم تشعر بالدفء لأيام بعد أن تبللت فرشها في الخيم، نتيجة تسرب مياه الأمطار لداخل الخيمة.
وتقول، إن خيمتها مهترئة وفي وضع “سيء”، وبلهجتها المحلية تعبّر “وضعنا تحت الصفر”.
وكثرت مطالبات النازحين في المخيمات، بضرورة استبدال الخيام المهترئة لديهم، إلا أن جميع المطالبات لم تلق إذناً صاغية.
وتقول ضبية الجاسم (40عاماً) وهي نازحة في مخيم الحتاش العشوائي، إن جميع النازحين فيه يقاسون ظروفاً إنسانية صعبة.
وتضيف لنورث برس، أن الأطفال الذي يمرضون في المخيم يبقون لشهر أو أكثر، دون مراجعة الطبيب، في ظل الصعوبات الاقتصادية التي يعانيها النازحون.
ويشتكي النازحون في المخيمات العشوائية من انتشار الأمراض والأوبئة بينهم، على رأسها الحصبة واللشمانيا.
وتُطالب كما سابقيها، بتأمين المدافئ والمحروقات لمواجهة البرد القارس وحماية أطفالهم منه، وتشير أن المنظمات لا تمنحهم الدعم الكافي لجميع أفراد العائلة وتمنح العائلة المكونة من ستة أشخاص مساعدة لشخصين فقط منها.