“لا مكان نذهب إليه”.. مخاوف النزوح تُؤرق نازحي مخيم عشوائي في الرقة

الرقة – نورث برس

وجدت يازي وعائلتها ملجأً آمناً في مخيم اليوناني جنوبي الرقة رغم مرارة النزوح وقساوة العيش في المخيمات إلا أن المرأة تجد صعوبة في التنقل من جديد.

وتتخوف يازي السالم (40 عاماً) نازحة في مخيم اليوناني نحو واحد كيلومتر جنوبي الرقة، من تعكّر صفو الاستقرار بعد اعتيادها على المخيم، بنزوح آخر مع التصعيد التركي والتهديد بشن عملية برية في شمال شرقي سوريا.

ومنذ العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صعّدت القوات التركية من قصفها لمناطق في شمال شرقي سوريا، ولا يزال القصف مستمراً مع تراجع بوتيرته، مع استمرار التهديدات بشن عملية برية جديدة في المنطقة.

تقول “السالم”، إنها هربت من ويلات الحرب ولا تدري أين سينتهي بها الحال في حال شهدت المنطقة حرباً جديدة.

وتنحدر السيدة وغالبية نازحي مخيم اليوناني من منطقة الرصافة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، مع وجود نشاط لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حيث تقع الرصافة في البادية السورية.

واستهدف التنظيم رعاة أغنام في المنطقة القريبة من الرصافة مرات عدة، وقتل مربون وقطعانهم أو سلبها.

لذات السبب، لا تفكر “السالم” بالعودة لمنطقتها، وبات النزوح خيارها الأول الذي اتخذته حين غادرت باحثةً عن أمان، إلا أن التفكير بنزوح آخر بات يؤرقها.

وفي مخيم اليوناني الذي تقطنه، تتحمل “السالم” الظروف المعيشية الصعبة، لكنها تنعم بالأمان الذي نشدته وفقدته في سنوات خلت قبل النزوح.

ويعاني قاطنو المخيمات العشوائية في الرقة ظروفاً إنسانية صعبة، في ظل شتاء قاسٍ وقلة في مستلزماته، وخطر التعرض للأمراض والأوبئة التي انتشرت مؤخراً من كوليرا وانفلونزا وغيرها.

وتصف “السالم” حال المخيم بأنه يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، في الوقت ذاته تتخوف النازحة على أطفالها الذين يعانون من مرض “التلاسيميا”، والذين يفتقدون القدرة على تحمّل ظروف النزوح القاسية.

ويقطن في هذا المخيم، 270 عائلة نازحة، تنحدر من مناطق تسيطر عليها قوات الحكومة السورية في ريف الرقة الجنوبي وريفي حمص وحماة. 

ويتوافق اسم يازي حسن (62عاماً) مع الاسم الأول لسابقتها، ولهن ذات المخاوف، حيث لا يعلمن أين سيودي بهن الطريق في حال اضطررن للنزوح.

“طلعنا بأرواحنا”، تقول “حسن”، التي تركت كل شيء خلفها منذ خمس سنوات ونشدت الأمان ولا شيء غيره، وهو الأمر الذي يجبرها وعائلتها على المكوث في خيمة بدائية خاطتها من أسمال القماش، ولا تقيهم قساوة الظروف المناخية في الصيف والشتاء.

ويعاني نازحو المخيمات مع حلول الشتاء، في ظل نقص الخيام وانعدام المحروقات المخصصة للتدفئة، ويضطر هؤلاء إلى الاعتماد على الحطب.

وتضيف: “لم يتبقَّ لنا سوى هذه الخيمة التي تأوينا، إلى أين سنذهب بعد الآن، ليس لدينا سوى رحمة رب العالمين”.

وكحال سابقاتها، تتخوف خاتون العيسى (50 عاماً) وهي معيلة لعائلة مكونة من 11 شخصاً، من النزوح، وبات الأمر يؤرقها أكثر من ظروفها المعيشية القاسية في المخيم.

وحال “العيسى”، ينسحب على جميع نازحي مخيم اليوناني، حيث لا يرغبون بتكرار سيناريو النزوح والحرب التي تسبّبت بخسارتهم لأرزاقهم، وفتكت بهم وشرّدتهم، بحسب تعبيرهم.

وتقول: “الآن نعمل لنؤمن معيشتنا، الوضع صعب على غالبية السوريين، لكن ماذا سيحل بنا إذا نزحنا، لا مكان لنا لنذهب إليه”.

إعداد: فاطمة خالد – تحرير: أحمد عثمان