ينتظرون أشعة الشمس ليتدفأوا.. نازحون في مراكز الإيواء بالحسكة بلا وسائل تدفئة

الحسكة – نورث برس

تحاول يسرى عبثاً تدفئة طفلتها ذات التسعة أعوام والتي تعاني من زكام شديد، تغطيتها بالبطانيات الرقيقة وتلف أرجلها بجاكيت، لكن جهودها لا تفلح وخاصة أن الغرفة باردة جداً.

وبينما تتمدد الطفلة على اسفنجة بجانب المدفأة، تقول والدتها يسرى العبدالله (36 عاماً) إنهم يعجزون عن شراء المازوت من السوق السوداء ولم توزع عليهم المنظمات والإدارة الذاتية محروقات للتدفئة.

ويبدو من حديث النازحة التي تنحدر من مدينة سري كانيه (رأس العين)، وتسكن برفقة أطفالها الخمسة وزوجها منذ نحو أربع سنوات في مدرسة البعث بحي العزيزية بمدينة الحسكة مدى صعوبة تدبُّر أمور عائلتها المعيشية.

وتضيف: “نضطر لتدفئة أنفسنا بالأغطية التي هي في الأساس رقيقة ولا تمنح الدفء، نتمنى أن لا تهطل الأمطار لكي لا نبرد أكثر”.

في الحسكة هناك العشرات من المدارس التي تأوي نازحين من مناطق سري كانيه وبلدة أبو راسين (زركان) شمالي الحسكة، ويعاني هؤلاء من عدم حصولهم على مستلزمات الشتاء وفي مقدمتها مازوت التدفئة.

وفي باحات تلك المدارس، يجلس النازحون تحت أشعة الشمس، بسبب عدم تمكنهم من تأمين وسائل تدفئة ومستلزمات شتوية لعائلاتهم وسط ظروف معيشية صعبة، لكن ذلك الخيار لا يكون متاحاً أثناء هطول الأمطار.

وتلجأ عائلة “العبد الله” أحياناً، لشراء ليترين من المازوت لتشغيل المدفأة لعدة ساعات، ويقضي أفراد العائلة باقي الأيام ملتحفين بالبطانيات لكن ذلك لا يجدي نفعاً في ظل انخفاض درجات الحرارة في المساء. 

وأمام هذا الحال، تتمنى “العبدالله” والذين يشاطرونها ذات المعاناة لو أن المنظمات العاملة في المنطقة تلتفت لأحوالهم وتمد اليد العون لهم عبر تقديم مستلزمات شتوية ومحروقات لمواجهة البرد.

وفي ذات المدرسة، يبدو حال سامية الحمد (44 عاماً) أسوء من سابقتها، فالغرفة التي تأوي عائلتها المؤلفة من ثمانية أفراد، تفتقر للمدفأة ولا إمكانية لشرائها على نفقتهم الخاصة.

تقول “الحمد” إن برودة الطقس زادت من معاناتهم في الوقت الذي تكاد الخدمات المقدمة تكون “معدومة” في المدراس.

وتضيف: “لدي ستة أطفال، الأجواء باردة في الصباح وفي الليل، نضطر في الكثير من الأيام للبقاء لفترات طويلة أثناء الصباح في غرفتنا ملتحفين نتيجة البرد، نعيش من قلة الموت”.

وقبل نحو عام ونصف، سحبت جميع المنظمات والجمعيات العاملة في مناطق شمال شرقي سوريا يدها من مسألة تقديم الدعم للنازحين في المدارس باستثناء جمعية “مار أفرام” والهلال الأحمر العربي السوري وهو ما فاقم معاناتهم أكثر.

والعام الماضي، استلم نازحون في المدراس كمية من المازوت قدمتها منظمة دولية لهم ولكن بعد رأس السنة، واضطر بعضهم لشرائها من السوق السوداء، في حين من لم تسعفهم حالتهم المادية قضوا شتاءهم بلا تدفئة.

ويقول علي حميرة (37 عاماً) نازح من مدينة سري كانيه ويستقر برفقة عائلته في مدرسة حامد محفوظ بالحسكة، إن المساعدات والخدمات المقدمة لهم “شحيحة للغاية ونعجز عن شراءها”.

والحال لدى “حميرة” ذاته، فهو الآخر لم يركّب مدفأة في غرفته، “لأنني لا أملك النقود لشراء المازوت”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد