نازحة في مخيم عشوائي بالرقة تصنع “واوية” لتعيل أيتاماً

الرقة – نورث برس

بيدين خشنتين، تداعب مريم كومة من الطين، كانت قد جبلتها وأضافت لها بعضاً من التبن لتزداد تماسكاً، تضيف قليلاً من الطين وتسهلها بيدها لتصنع “واوي”.

و”الواوي”، هو موقد للنار يستخدمه النازحون في المخيمات وسكان الأرياف في الرقة، يشبه التنور ولكنه أصغر منه، ويصنع من الوحل.

مريم المحمود من نازحي مخيم الحتاش العشوائي 30 كم شمالي الرقة، شمالي سوريا، تصنع “الواوية”، لتأمين معيشية عائلتها المكونة من بناتها الثلاث وبنات ابنها أربع أيضاً وزوجته.

تبدأ المسنة في مساء سابق بـ”جبل” كومة من الوحل، مع بعض التبن وتخلطها جيداً وتنتظر لليوم التالي حتى تضمن تخمير خلطتها.

وتتأكد قبل البدء بصناعة “الواوي” من وصول الخلطة إلى مرحلة كافية من التخمير لصناعته وبعد الانتهاء منه تحرقه بالنار حتى يكسب قساوة كافية.

تقول “المحمود” إنها تعمل بصناعة “الواوية” لتأمين الخبز لأيتامها وأيتام ابنها الوحيد، الذي ترك لها أربع بنات.

ويعاني نازحو مخيم الحتاش وغالبيتهم من دير الزور، ظروفاً إنسانية صعبة، في ظل نقص حاد في المساعدات الغذائية، وكذلك مستلزمات الشتاء كعوازل الخيام والمحروقات.

لا تعرف مريم، العمر الذي قطعته لكنها تقول “إنني متعبة وهذا العمل فوق طاقتي، لكنني مجبرة”، وتخمّن عمرها وتقول ربما 75 عاماً، أو ربما 65، “لا أعلم أنا امرأة طاعنة في السن ومتعبة”.

وتعاني المسنة مرارة النزوح في المخيم الذي تقطنه منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتعمل بصناعة الواوية مُجبرة لتأمين معيشة عائلتها، “ما عندا مورد غير رحمة ربنا”.

وكما غالبية سكان المخيم، تشتكي من القلة في المحروقات وتجهيزات الشتاء، ولذلك شجعت زوجة ابنها لجمع الحطب من الأراضي الزراعية لاستخدامه بالتدفئة.

وتعمل نساء المخيمات العشوائية في الأراضي الزراعية القريبة من المخيمات لتأمين بعض الحاجيات لعائلاتهن، كما يجمعن الحطب من تلك الأراضي للتدفئة.

ويوجد في الرقة 58 مخيماً عشوائياً يعانون ظروفاً اقتصادية صعبة، نتيجة انسحاب المنظمات الإنسانية من العمل ضمن المخيمات.

وتصنع “المحمود” قطعتين إلى ثلاثة أسبوعياً، وتبيعها لسكان القرى القريبة من المخيم، وصار اسمها معرفاً وبات سكان القرى يقصدونها لشراء “واوية”.

رغم أنها تبيعها بسعر بخس ولا يتجاوز الـ 4آلاف ليرة سورية، إلا أنها مستمرة بعملها وبإتقان المحترف تنجز، “كل ما أقبضه من عملي أصرفه على عائلتي، لا زوج لدي ولا ابن”.

تعود “المحمود” لتكرار ذات العبارة “والله فوق طاقتي”، وتضيف، أن أغلب النازحين في المخيم لديهم رجل يعيلهم إما أب أو أخ، إلا أن المسنة لا رجل لديها لمساعدتها.

وطيلة حديثها تُقلّب النازحة كفيها الخشنتين لكثرة العمل بالطين، وتظهر بيديها رعشة، تقول إنها لم تفارقها منذ آخر انتكاسة صحية تعرضت لها منذ فترة قريبة.

وتتمنى “المحمود” أن تجد من يساعدها لتخفيف الأعباء عن كاهلها لا سيما وأنها كبرت في السن وباتت عرضة للانتكاسات الصحية المتكررة.

إعداد: إبراهيم العيسى – تحرير: أحمد عثمان