مزارعون في السويداء يستعيضون عن الجرار الزراعي بالمحراث الحيواني
السويداء- نورث برس
يستعين فياض بحصانه لحراثة أرضه كوسيلة قديمة وبديلة عن الجرار الزراعي، لعدم حصوله على مخصصاته من المحروقات من الحكومة وعجزه عن شراء المادة من السوق السوداء.
فياض بلان (64 عاماً) مزارع من الريف الشرقي للسويداء، يقول بينما ينهمك في الحراثة، “عدنا لاستخدام الدواب وأعواد الفلاحة لنستطيع حراثة أراضينا”.
ولأن أسعار حراثة الدونم بالجرار الزراعي تصل لأكثر من 70 ألف ليرة ويباع ليتر المازوت بعشرة آلاف ليرة والبنزين بـ18 ألف ليرة، يلجأ مزارعون في السويداء لاستخدام حيوانات سواء الحمير أو الأحصنة أو الأبقار في حراثة أراضيهم، في مشهد يعود للقرن الماضي.
ويضيف “بلان” بينما يمشي بحذر خلف حصانه ويوازن قيادته، “رجعنا مئة سنة للوراء والحكومة تهرطق بالتحديث والتطوير”.
وبحسب سكان، فإن هناك إقبال من قبل المزارعين ولا سيما في القرى، على استئجار الدواب للحراثة، حيث يعتمدون على المحراث الحيواني وهو عبارة عن أداة مصنوعة من الخشب، يجره زوج من الأبقار أو زوج من الحمير وقد تجره دابة واحدة، حمار أو حصان.
وتتطلب هذه العملية جهداً عضلياً ووقتاً طويلاً، فما ينجزه الجرار الزراعي في ساعة قد يحتاج ليوم عمل كامل عبر الدابة.
ولا يقتصر استخدام هذه الحيوانات في أمور الحراثة فحسب، بل يعتمد عليها مزارعون في نقل البذار والمحاصيل في أغلب الأحيان.
ومع بداية تشرين الأول/ أكتوبر، يبدأ موسم الحراثة وتجهيز الأرض لزراعة الحبوب ويتبعه موسم حراثة الأشجار في كانون الأول/ ديسمبر، وكانون الثاني/ يناير.
وتعاني السويداء من أزمة محروقات خانقة كما جميع المناطق الحكومية، وأثرت بشكل سلبي على عدة قطاعات لاسيما المواصلات والزراعة والصناعة.
وتعتبر أزمة المحروقات أزمة متجددة في المناطق الحكومية، فبين الحين والآخر تزداد لتعود وتختفي شيئاً فشيئاً ثم تعود وتظهر من جديد، وسط فشل الحكومة في كل مرة بالوصول إلى حل جذري لها.
وبداية الشهر الجاري، تفاقمت الأزمة بشكل كبير، حيث فقدت المحروقات بكافة أنواعها وسط غلائها في السوق السوداء.
ويقول ماهر بحصاص (41 عاماً)، مزارع من الريف الجنوبي للسويداء، إنه لم يحصل على مخصصاته من المحروقات رغم أنه يملك جراراً زراعياً مرخصاً على أساس رخصة أرضه.
ويشير إلى أن محاولاته للحصول على مخصصاته باء بالفشل، “حيث ادعى اتحاد الفلاحين بعدم وجود المادة نهائياً بسبب عدم وجود توريدات وفق ما قالوه لنا”.
ويتهم “بحصاص” مسؤولين في مديرية الزراعة “بطلب رشاوى بشكل شبه علني لإعطاء الفلاح وصلاً يسمح له بتعبئة 20 ليتر مازوت بسعر الحر ولمرة واحدة”.
ويضيف ساخراً، “سأحاول بيع الجرار وشراء دواب للفلاحة أفضل في هذا البلد المتطور”.
ومع تقنين الكهرباء وعجز الحكومة عن توزيع كميات كافية من المازوت بالسعر المدعوم، لجأ حسن عامر (38 عاماً)، اسم مستعار لموظف حكومي لشراء 2 طن من روث الحيوانات بسعر 300 ألف ليرة سورية للطن الواحد لاستخدامه في التدفئة.
وتنتشر حالياً بشكل ملحوظ عادة تجفيف روث الحيوانات لاستعمالها في التدفئة كبديل عن المازوت والحطب بسبب فقدانهما وغلاء الأسعار في السوق السوداء.
ويشير الموظف الحكومي إلى أن راتبه من وظيفته طيلة السنة لا يساوي ثمن برميل مازوت من السوق السوداء، كما أن عمله على سيارة أجرة كعمل إضافي لم يساعده أيضاً على شراء الحطب بسبب سعره الذي يفوق المليون ليرة للطن الواحد.