دمشق.. “وصفات” اقتصادية للجم الدولار قبل وصوله لأرقام كارثية والمركزي لا يملك الأدوات

دمشق ـ نورث برس

توقع خبير اقتصادي ومصرفي في دمشق، ارتفاع أسعار الدولار إلى أرقام كارثية إذا لم يتم إدارته بطريقة مختلفة.

وقال المصرفي الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن أبرز الخطوات التي يجب اتخاذها للجم الدولار هي تحرير سعر الدولار من القيود التي تكبله، وتحقيق المزيد من الشفافية في التعاملات النقدية.

وتخطى سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية حاجز الستة آلاف دولار، بينما حافظ البنك المركزي على سعر 3015 ليرة سورية.

وبين المصدر لنورث برس، أن تحرير السوق ضرورة ملحة أكثر من أي وقت سابق، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي وصلت إليها البلاد، ونتيجة السياسة النقدية الهدامة للمصرف المركزي، والتي تسببت بتهجر ومعاناة السوريين.

وأشار الخبير المصرفي، إلى غياب البيانات الحقيقية عن قيمة الدولار، وأن هذا يحتاج إلى بورصة مكشوفة توضح حجم الطلب مقابل العرض من الدولار لمعرفة سعر التوازن بينهما.

خطوات مدروسة

وحدد أولى الخطوات لتحقيق ذلك في تحرير سعر الصرف بشكل تدريجي مدروس لتجنب الصدمة الاقتصادية.

أما الخطوة الثانية “الأهم”، فهي “إلغاء الكثير من القرارات التي أثرت على سعر الصرف صعوداً متل قرار تجريم التعامل بالدولار، وذلك من أجل تحويله من عملة صعبة مرتفعة القيمة إلى عملة سهلة منخفضة القيمة بمتناول الجميع”.

وقال إن الجهة التي تقوم برفع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية حالياً هي صفحات على فيسبوك، وليست بورصة رسمية فيها أرقام حقيقية عن تقاطع العرض مع الطلب لتحديد سعر التوازن للدولار بشكل رسمي.

وبين أن التخلص من هذه الصفحات التي تعطي إشارة الارتفاع والانخفاض لسعر صرف الدولار أمام الليرة السورية هو “بتحرير سعر الصرف بطريقة علمية احترافية تدريجية”.

ونفى المصدر أن يكون المصرف المركزي يملك الأدوات الكافية لتخفيض سعر الصرف ومحاربة تلك الصفحات، ولهذا يرى أنه يجب أن يتم التخلص بشكل سريع من تلك الطريقة في إدارة السياسة النقدية التي كانت نتيجتها المزيد من تراجع قيمة الليرة السورية.

سعر أقل

ورجح المصدر أن يكون سعر الصرف الحقيقي أقل بكثير من السعر الذي يتم الإعلان عنه بصفحات فيسبوك، لأن حالة الهلع والخوف التي يتم إرسالها من تلك الصفحات تؤدي لزيادة الطلب على الدولار بالأسواق بشكل كبير دون مبرر اقتصادي حقيقي بقصد الادخار.

ومن الخطوات التي ركز على ضرورة اتخاذها أيضاً لتخفيض سعر الدولار هو  تسليم الحوالات الخارجية بالدولار، واستشهد الخبير بتجربة لبنان في هذا المجال عندما كان يسدد الحوالات في الليرة اللبنانية، نشطت السوق السوداء للتحويل، وعندما أعاد المصرف تسديد قيمة الحوالة بالدولار بعد خصم 2% من قيمتها تراجع دور السوق السوداء وارتفعت قيمة الحوالات إلى لبنان.

وأضاف أن الترهيب بالسجن والغرامات يعطي نتائج عكسية ويرفع سعر الصرف.

وأضاف استاذ في كلية الاقتصاد بدمشق، لنورث برس، أن هنالك حلول تتجاهلها الحكومة رغم أنها يمكن أن تحسن من واقع الليرة السورية مثل السماح للتاجر بالاستيراد والتصدير دون تدخل المصرف المركزي، ودون السؤال عن مصدر التمويل أو طريقة تحويل أو قبض قيمة بضاعته.

وليس كما يحصل الآن من تكرار الأمر ذاته مع موضوع المحروقات، حيث أن وزير التجارة الداخلية، صرح بأن كل صناعي يشتري المحروقات من السوق السوداء سيعامل كمن يتاجر بها إذا لم يقم بالإبلاغ عن مصدرها وكل هذه القرارات تعيق العمل وتؤدي لانخفاض قيمة الليرة.

وأضاف المصدر أن هنالك حلول إضافية مثل السماح بافتتاح مكاتب خاصة للصرافة تدفع الضرائب بنسبة 2% من قيمة الحوالات الخارجية للمصرف المركزي.

وتعطي هذه المكاتب حرية التحويل والاستلام دون تدخل المصرف المركزي الذي يقبض العمولة فقط عن كل حوالة.

مليارات

وأشار الاقتصادي إلى أن التراجع عن قرارات كهذه سيساهم في دخول مليارات الدولارات للعمل والاستثمار التجاري والصناعي والزراعي للداخل السوري.

وهذا بدوره سينشط حركة الصادرات، ويحرك الاقتصاد بعد تخلص المصدرين من تسلط المصرف المركزي عليهم بتطبيق سياسة (تعهد القطع) التي تقوم على تسليم قيمة صادراتهم بالسعر الوهمي للدولار، وهذا يتسبب بخسائر تصل إلى 50% من قيمة الصادرات.

ومما يجب معالجته أيضاً هو منع استخدام القروض الحكومية للمضاربة على الليرة السورية، وما يتم من إعادة تسديد القروض عندما يرتفع سعر الصرف وهذا يكبد المصرف خسائر مالية فادحة.

ويرى أن الأخذ بكل هذه الخطوات سيساهم في توفير فائض من الدولارات في المصرف المركزي تمكنه من التدخل بسوق الصرف عند الحاجة.

وطالب بتلبية جميع طلبات الشراء على الدولار من المصرف المركزي، والتخلص من الأعباء المالية على الموازنة العامة، ومن طريقة العمل السائدة بتمويل المستوردات بالدولار المخفض من المركزي، وإعادة تسعير هذه المستوردات بسعر صرف السوق السوداء.

تقييم السعر

في حين أشار عضو في غرفة تجارة دمشق لنورث برس، أن الدولار سلعة مثل بقية السلع تخضع للعرض والطلب، أما سعره الحقيقي فهو السعر الذي يعبر عن الواقع الاقتصادي من إنتاج وتصدير وثروات معدنية أو صناعة سياحية عندها يمكن تقييم سعر الصرف الحقيقي.

وبين أن ترك الأمر بشكل حر سيرفع سعر الدولار أكثر مما هو عليه الآن مع غياب مقومات الاقتصاد.

وأضاف أن ارتفاع الأسعار في سوريا يتجاوز ارتفاع سعر الصرف، وسعر السلع من بلد المنشأ لأسباب كثيرة منها ارتفاع تكاليف النقل وزيادة الضرائب والرسوم وكلها توحي بأن تعويم سعر الصرف الاسترشادي يصل إلى عشرة آلاف ليرة.

وأشار التاجر إلى أن “الاقتصاد الحر هو الطريق الوحيد والصحيح لتحريك العجلة الاقتصادية بعيداً عن التدخل المستمر بالتفاصيل في طريقة إدارة الأسواق”.

وأضاف أن المصرف المركزي خلال 10 سنوات لم يستطع تقديم أي نتائج إيجابية لسعر صرف الليرة السورية، “لذلك من غير المنطقي أن يستمر بسياسته الحالية، لأن نتائجها تسببت بأضرار كارثية للاقتصاد الوطني، والقوة الشرائية للأجور”.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله