الحكومة تعيد سكان حلب لأحداث 2012.. مدينة تعمل على ضوء الشمس

حلب – نورث برس

عشر سنوات مرت لم تمسح ذاكرة صبحي جطل (45 عاماً)، وهو من سكان حي البياضة ضمن حارات حلب القديمة شمالي سوريا، وهو يعيش اليوم حالة من انعدام توفر أبسط مقومات الحياتية.

يشير الرجل الأربعيني، إلى أن ما يمر اليوم عليه من صعوبات تذكره في بداية الاحتجاجات ضد الدولة، حيث أن الطعام كان وفيراً حينها.

يقول “جطل” لنورث برس، فقدان قدرة الأب على تقديم كسرة خبز لأبنائه “غصة تحمل بركان غضب يمتصه العقل عندما نتذكر ما دار بنا من هلع وتشرد ونزوح في بداية الازمة”.

ويعمل “جطل” في مهنة الحدادة في سوق باب الحديد في حلب، يفتح المحل منذ أسبوع حتى الآن مثلما يغلقه، ويشير أن حركة العمل متوقفة تماماً لا بيع ولا شراء.

وإن أراد العمل يحتاج الى مادة المازوت المفقودة “حتى في الأسواق السوداء شحت المادة ووصل سعر الليتر الواحد إلى 14 ألف ليرة إن توفرت كمية قليلة”، ما دفعه للبيع من القطع المتوفر لديه دون إنتاج أي قطع جديدة.

أوامر حكومية للترشيد

ونشرت الصفحة الرسمية للحكومة السورية عبر مواقع التواصل الاجتماعية في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، قرار طالبت فيه الجهات العامة باتخاذ إجراءات ترشيد حتى نهاية العام الحالي.

ومن تلك الإجراءات تخفيض الكميات المخصصة من مادتي البنزين والمازوت للسيارات السياحية الحكومية بما تتطلبه المرحلة بنسبة 40% من الكميات المخصصة حالياً لكل سيارة.

وكذلك إيقاف مهمات السفر التي يترتب عليها صرف محروقات بالنسبة للسيارات المذكورة في هذا القرار إلا للأسباب الضرورية والملحة باقتراح من الوزير وموافقة مسبقة من رئيس مجلس الوزراء.

وأشار القرار إلى أن الإجراءات الأخيرة لعدم قدرة الأصدقاء للحكومة السورية في دولة إيران تلبية العقد المتفق عليه تحت اسم الخط الائتماني بينهم لأسباب خاصة بهم.

وأتبع ذلك القرار بتحذير شديد اللهجة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبر صفحتها، لكل منشأة أو فعالية تستجر مشتقات نفطية من السوق السوداء ولا تبلغ  الوزارة عن البائع تعتبر شريكاً في الاتجار غير المشروع بالمشتقات النفطية ويطبق عليها المرسوم التشريعي رقم ٨ للعام ٢٠٢١.

حصار حكومي للسكان

وفي حيرة من أمره مما يحدث، يتساءل جورج سبع (35 عاماً)، وهو من سكان حي السليمانية بحلب، عن “كيفية انقطاع الحلول نهائياً بيد الحكومة؟ ولماذا لا تدع المواطن يؤمن مستلزماته من السوق السوداء”.

وقال “سبع” لنورث برس، إن الحكومة السورية خلال عام 2022 تحولت “لأداة جباية ونحن على يقين عندما تتحول الحكومة للجباية معناها انتظر النهاية”.

وكانت وزارة الصناعة في الحكومة السورية، أعلنت في تاريخ السادس من هذا الشهر عبر قرار، إدراج المدن الصناعية في المحافظات ضمن برنامج التقنين.

وتضمن القرار تقنيناً قاسياً بالنسبة للصناعيين من يوم الخميس الساعة الثالثة عصرا وحتى يوم الأحد الساعة الثامنة صباحاً.

وأشارت الوزارة إلى أن عودة التغذية إلى ما كانت عليه على مدار الساعة مرتبطة بعودة حوامل الطاقة إلى محطات الكهرباء لإنتاجها السابق.

ويملك الشاب الثلاثيني محلاً لسكب المعادن (طورنو) في ذات الحي وهو بحاجة للكهرباء المفقودة بشكل نهائي منذ بداية الشهر الحالي لاستمرار عمل المكنة على أثر فقدان الوقود وتوقف مولدات الكهرباء.

وبعد معاناة طويلة للسكان في شح المواد النفطية ضمن مناطق نفوذ الحكومة وصعوبة التنقل في المواصلات تصدر وزارة التجارة الداخلية أسعاراً جديدة للمواد النفطية بعد انقطاع شبه كامل للمواد.

وقال ساهر ملحيس (45 عاماً)، وهو من سكان حي الميدان بحلب، إن “الحكومة السورية فقدت شرعية التعامل مع الأزمة السورية، وهي تعلق الظلام الذي نعيشه في بيوتنا على الحصار وقانون قيصر الذي فرض على الشعب فقط”.

وأضاف “ملحيس” إنه يسير يومياً ذهاباً وإياباً على أقدامه من حي الميدان إلى جب القبة للعمل بعد تأخر وصول رسالة استلام البنزين إلى 24 يوماً ووصول ليتر البنزين ضمن السوق السوداء إلى 20 ألف ليرة سورية.

وحملَ قرار زيادة سعر المواد النفطية من مازوت وبنزين بتاريخ الثالث عشر من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، ليصبح البنزين اوكتان 90 بسعر 3000 ليرة سورية لليتر واوكتان 90 الحر 4900 ليرة سورية واوكتان 95 بسعر 5300 ليرة سورية لليتر.

وزاد سعر المازوت المدعوم ليصبح 700 ليرة سورية بدلاً من 500 لليتر للقطاعين العام والخاص المخصصة لإنتاج الرغيف التمويني وبما فيها المؤسسة السورية للمخابز.

وحدد القرار سعر مادة المازوت للفعاليات الاقتصادية من منشأ محلي بثلاثة آلاف ليرة سورية لليتر بدلاً من 1700 ليرة.

وأشار “ملحيس” إلى أن “الحكومة أعادت السكان في حلب وباقي المحافظات إلى بداية الحرب في سوريا مع انعدام مقومات الحياة في أبسط الأمور، حتى باتت تتجهز لمحاسبة المتعاملين مع السوق السوداء وكتم أفواه الناس عما يعانون”.

إعداد: رافي حسن – تحرير: قيس العبدالله