الرقة – نورث برس
لأنه يسكن في الريف البعيد عن المدينة، يخرج علي يومياً من منزله مع ساعات الصباح الأولى علّه يوفق بعمل يمكنه من تأمين احتياجات عائلته.
وعند دوار الدلة بمدينة الرقة، يجلس علي الحسن (39عاماً) من سكان الجديدة شرقي الرقة، وينتظر أن يأتي صاحب عمل ليذهب معه يدوم انتظاره لساعات.
يقول الرجل الذي يعمل كعامل مياومة، إنه يعاني ظروفاً صعبة بعد انهيار قيمة الليرة السورية، في ظل قلة فرص العمل وتدني الأجور اليومية.

ويعاني عمال المياومة في الرقة من ارتفاع الأسعار بعد تجاوز سعر صرف الدولار حاجز الـ 6 آلاف ليرة سورية، وفي الغالب يعجز الكثير منهم عن تأمين كافة حاجياتهم الأساسية.
والأسبوع الماضي، قال خبير مصرفي لنورث برس، إن “المصرف المركزي يتحمل مسؤولية كل الأسباب التي أدت لانهيار الليرة أمام الدولار”، واتهمه أيضاً بأن “سياسته تسببت في حرق البلد!”.
ويعمل “الحسن” الذي يعيل عائلته المكونة من 8 أطفال وزوجته، بأجرة يومية لا تتجاوز 15 ألف ليرة (نحو 2.5دولار أميركي).
يشير الرجل، أنه في الغالب لا يتمكن من الحصول على فرصة عمل، لذلك يضطر للمبيت في مدينة الرقة، تخفيفاً للمصاريف ورغبةً بعدم رؤية أطفاله الذين يطلبون حاجيات لا يستطيع تأمينها.
وفي الرقة نقطتين لتمركز عمّال المياومة إحداهما عند دوار الدلة والأخرى عند المتحف وتُعرف بـ”سوق الزلم”، ويعتمد هؤلاء على أصحاب العمل الراغبين بعمال، حيث يأتي أحدهم ليتفق مع أحد العمّال للعمل إما بالساعات أو “مقطوعة”.
ويشكو “الحسن” سوء أوضاعهم، “صاحب محل الخضرة والسوبر ماركت والدكتور وغيرهم، جميعهم يعاملوننا وفق صرف الدولار، حياتنا مأساوية”.
ويضيف: “نحن شعب انتهى لا أحد يلتفت إلينا، نأتي لمحل الخضار كيلو البندورة بـ 3500، ويومياتنا 15 ألف، أين نصرفها على الخبز، السكر، الأدوية، أو حليب أطفالنا؟”.
ويعاني ذوو الدخل المحدود في الرقة من تدني المستوى المعيشي، في ظل غلاء الأسعار وعدم توفر فرص العمل.
ويشكو السكان في الرقة من “ضيق الحال” مع دخول فصل الشتاء، والارتفاع في صرف الدولار الذي ينجم عنه ارتفاع مستمر في الأسعار.
ووفق إحصائية أجراها المكتب المركزي للإحصاء وبرنامج الغذاء العالمي في العام الماضي، فإن نحو 8.3 في المئة من الأسر تعاني من انعدام شديد بالأمن الغذائي، و47.2 في المئة يعانون من انعدام متوسط، في حين يتمتع نحو 39.4 في المئة بأمن غذائي مقبول، ولكنهم معرضون لانعدامه مع أي صدمة تتعلق بارتفاع الأسعار.

وكحال سابقه، يفصّل مهند عبد الصطوف (25عاماً) من سكان مدينة الرقة، المتطلبات التي تترتب على عمّال اليومية، من خضار ومواد تموينية ومواصلات وإيجارات منازل وفواتير كهرباء وأمبيرات.
ويقول: “أمام كل المتطلبات السابقة ماذا تُغطي أجرة 15 ألف ليرة، وحتى راتب الموظف، كلشي يطلع إلا يومية العامل تظل مثل ماهي”.
ويعمل “الصطوف” كعامل مياومة، وبسبب تدني أجرته اليومية في حال توفر العمل، حذف اللحوم من مائدته ويشتري الخضار بوقت متأخر، حيث يضطر الباعة لبيعها بسعر أدنى نتيجة إصابتها بالتلف.
وأضرّ ارتفاع صرف الدولار بغالبية سكان الرقة من ذوي الدخل المحدود، حيث يبلغ وسطي راتب الموظف في مؤسسات الإدارة الذاتية 370 ألف ليرة (60 دولار أميركي).
وفي ظل هذه الأوضاع يطالب “الصطوف” كغيره من ذوي الدخل المحدود، المنظمات الإنسانية بدعمهم، في ظل العجز عن تأمين أغلب الحاجيات الأساسية.
ويعجز فايز العمر (45عاماً) من سكان مدينة الرقة، هو الآخر عن شراء كافة مستلزمات عائلته، ويقول إنه لا قدرة لديه على شراء الألبسة الشتوية لأطفاله.
ويضيف، أن الدولار تسبّب بارتفاع كبير في أسعار الألبسة، ويضرب مثلاً أن قطعة لباس كان يشتريها لأطفاله بـ 15ألفاً أصبح سعرها حالياً 33 ألف، وبلهجته المحلية يعبّر “الله يكون بعون الفقير”.