كوباني- نورث برس
يجتمع حنيفي كل عدة أيام مع أصدقائه في منزل أحدهم، يقضون ليال الشتاء الطويلة سوياً، يتبادلون الحديث ويروون ذكرياتهم حينما كانوا شباباً ولا تخلو جلساتهم من الحديث عن الأوضاع الأمنية غير المستقرة والتي تلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة.
وعلى وقع ما تشهده شمال شرقي سوريا من هجمات تركية وتهديدات بقضم كوباني ومناطق أخرى، لا يخفي حنيفي عصمت (50 عاماً)، من سكان ريف كوباني مخاوفه أن يعيش الأوضاع التي عاشاه سابقاً حين هاجم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” مدينته عام 2014.
الرجل الخمسيني كما سكان منطقته كان يأمل أن تلعب الدول الضامنة وخاصة أميركا على إرساء استقرار دائم في كوباني وتمنع عنهم الهجمات التركية التي تزيد معها مخاطر عودة “داعش” إلى المنطقة مرة أخرى.
ويطالب هو وسكان آخرون، دول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، بالعمل على إنهاء الهجمات التركية على مدينتهم إذ إنها تؤثر على حياتهم وتعيق أعمالهم.
ورغم مرور ثمانية أعوام على طرد التنظيم منه والذي كلف كوباني ومناطق سورية أخرى فقدان المئات من العسكريين والمدنيين، لا تزال ذكريات الحرب حاضرة في أذهان كلّ من عايش معركة كوباني في مواجهة هجمات التنظيم ولا تزال آثار الحرب شاهدة على حجم الدمار الذي لحق بالمنطقة.
وفي أيلول/ سبتمبر2014 شن “داعش” هجوماً واسع النطاق على كوباني وتمكن من السيطرة على معظم القرى المحيطة بالمدينة.
وفرض التنظيم حصاراً على المدينة من الشرق والغرب والجنوب، الأمر الذي تسبب بنزوح الآلاف من سكان المنطقة باتجاه الحدود، عبر معظمهم إلى تركيا.
معركة كوباني تركت، بالإضافة إلى الدمار الذي حلّ بالمدينة، الكثير من المشاهد “الفظيعة” والقصص المؤلمة يصعب نسيانها، وفقاً لسكان التقت بهم نورث برس.
وكان تحليل أجرته الأمم المتحدة لصور التقطتها الأقمار الاصطناعية، قد أشار إلى أن أكثر من ثلاثة آلاف مبنى دمّر أو أصيب بأضرار كبيرة جراء القتال الذي استمر نحو أربعة أشهر في كوباني.
وفي السادس والعشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2015، استطاع مقاتلون في كوباني طرد التنظيم منها.
ولأن “داعش” إن تمكن من تنظيم صفوفه من جديد، سيشكل خطراً على العالم، يرى “عصمت” أنه يجب على الدول وخاصة أميركا وفرنسا وألمانيا إيقاف الهجمات التركية ضد شمال شرقي سوريا التي تضم الآلاف من عناصر التنظيم “الإرهابين”.
وفي العشرين من الشهر الماضي، صعّدت القوات التركية من قصفها في الشمال السوري، ولا يزال القصف مستمراً بشكل متقطع.
وهاجر شبان من كوباني نتيجة انعدام الاستقرار في المنطقة واستمرار التهديدات التركية بشن عملية برية في كوباني، واضطر بعضهم لبيع ممتلكاته لسلوك طريق الهجرة، والذي راح ضحيتها العشرات من المدينة.
ويقول شيخو تمو (60 عاماً) من سكان ريف كوباني، إن المدينة لم تشهد أي استقرار وأمان منذ غزو “داعش” على المدينة.
ويتأسف الرجل الستيني على حال المنطقة التي لم تنعم بالاستقرار والأمان، بسبب الهجمات التركية المتكررة.
ويطالب “تمو”، من الدول العظمى ذات التأثير ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل لتحقيق الاستقرار والأمان في المنطقة، وإيقاف هذه الهجمات ضد جيرانها، ويرى الحل بفرض حظر للطيران فوق أجواء المنطقة.
ويتخوف سكان كوباني والقرى الحدودية والواقعة على خط التماس شمالي سوريا، من عملية برية تركيا، ويرون أنها ستسبب “كارثة إنسانية” وتزيد أوضاعهم سوءاً.
ويرى حجي شاهين (43 عاماً) من سكان كوباني، أن “تضحيات سكان المنطقة بآلاف الشهداء، يجب أن تكون موضع تقدير من قبل المجتمع الدولي وأنه على دول ذات القرار في التحالف الدولي العمل على حل سياسي يساهم في استقرار المنطقة”.
وفي ظل تجديد أنقرة تهديداتها بشن عملية برية في كوباني، يشير “شاهين” إلى أنه على التحالف الدولي لمحاربة “داعش” أن يعمل “كشريك فعلاً لإيقاف الهجمات التركية”.