مع تحليق الدولار.. الليرة السورية ومعيشة السكان إلى أين؟

غرفة الأخبار – نورث برس

شهدت الليرة السورية هبوطاً مدوياً في قيمتها أمام العملات الأجنبية خلال النصف الثاني من عام 2022، وسط عجز الحكومة عن طرح أي حلول تساهم في استقرارها.

وأعلنت الحكومة السورية في الـ 7 من تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، عن عجز في الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بنحو 4860 مليار ليرة سورية، أثناء استعراض بيانها المالي لمشروع قانون الموازنة العامة أمام مجلس الشعب.

ومنذ مطلع تموز / يوليو الفائت، انخفض قيمة اللية السورية أمام الدولار الأمريكي، بنحو ألفي ليرة، لتلامس حاجز 6200 بعدما كانت بنحو 4 آلاف.

تضييق على السكان

وبينما تشير النشرات الاقتصادية إلى تدني قيمة الليرة يوماً بعد يوم، تبدو بوادر الانفراج من هذه الازمة التي باتت تخنق السوريين بعيدة عن الأفق.

في ظل ارتفاع الأسعار وغياب الدعم الحكومي عن معظم المواد الغذائية، يقول سكان محليون في مناطق سيطرة الحكومة وخاصة العاصمة دمشق، لـنورث برس، إن رواتبهم لم تعد يكفي لشراء وجبتين من الطعام والشراب لأسرة مكونة من خمسة أشخاص.

ويبلغ متوسط رواتب الموظفين في مناطق الحكومة 100 ألف ليرة سورية، أي أقل من 20 دولار أميركي، وفق التداولات الراهنة.

لتدفع هذه الأزمة الأسر السورية إلى ترتيب أمور حياتهم وفق سياسة “كل يوم بيومه”، وفق ما يقوله الكثيرون.

فيما لا يختلف حال السوريين في مناطق السورية الأخرى الخارجة عن سيطرة الحكومة في دمشق، حيث تعصف الأزمة الاقتصادية الراهنة وتبعاتها بالحالة المعيشية للسكان المحليين رغم أن متوسط دخل الفرد أفضل بكثير من مناطق سيطرة الحكومة.

ويبلغ متوسط دخل العائلة في هذه المناطق شهرياً ما يقارب 75 دولاراً شهرياً، بينما تحتاج إلى دخل شهري على أقل بنحو 200 دولار.

شلل وانهيار اقتصادي

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية أزمات معيشية غير مسبوقة تتقدمها أزمة المحروقات حيث تسببت بشلل عمل المؤسسات وتوقف الكثير منها.

وتقول خبيرة اقتصادية ومسؤولة سابقة في الحكومة السورية، فضلت الكشف عن اسمها، لنورث برس، إن حالة التضخم الموجودة في البلاد حالياً “تشير إلى انهيار اقتصادي محتوم، وخصوصاً إن بقيت الرواتب على حالها، وقصة الحصار الاقتصادي بالطبع سبب مهم في الانهيار الاقتصادي”.

وباتت تحتاج العائلة السورية “لتعيش عيشة كريمة مليوني ليرة سورية، بينما كانت تحتاج في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما يقارب المليون لتعيش بكرامة”، بحسب الخبيرة.

ومطلع الشهر الجاري، تحدث مصدر من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بحلب، إن الحكومة تتجه إلى تقليص عدد الموظفين ضمن الدوائر والمؤسسات الحكومية بنسبة تصل إلى 60% لفقدان المحروقات في مناطق سيطرة دمشق.

بينما قالت وكالة أسوشيتد بريس الأميركية، الجمعة الفائت، إن روسيا رفضت طلباً قدمه المصرف المركزي في سوريا بشأن الحصول على قرض، وإن بنكها بات مفلساً وسيتوقف عن دفع الرواتب بعد مدة ثلاثة شهور.

وهو ما نفاه البنك المركزي السوري، بأن السيولة متوفرة وتكفي ‘‘لسنين وليس فقط شهور’’، فضلاً عن توفر مخزون كافي من القطع الأجنبي، ووصفت أنباء تأخير الرواتب بـ ‘‘إشاعات كاذبة ومسمومة’’.

وبينما تغيب آلية واضحة لتحسين قيمة الليرة السورية، يأن السوريون الذين يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر بحثاً عن لقمة العيش، ليستقبلوا العام الجديد بأزمة اقتصادية خانقة قد تتفاقم تداعياتها أكبر من حرب طال أمدها عقد من الزمن ولا زالت.

إعداد وتحرير: دلسوز يوسف