إضافة للأزمات.. الجرب يعود مجدداً وعشر حالات تراجع مشفى الجلدية بدمشق

دمشق ـ نورث برس

عاد مرض الجرب إلى سوريا بعد مرور عدة عقود على الخلاص منه، ولم يكن هذا المرض الوبائي هو الوحيد الذي عاد إلى الانتشار مجدداً، فقد سبق الجرب انتشار القمل والكوليرا والتهاب الكبد الإنتاني وغيرها من الأوبئة التي أعادتها الظروف الاقتصادية التي يعيشها السكان.

يساعد في انتشار تلك الأوبئة، الاكتظاظ السكاني والعيش بكثافة ضمن تجمعات وشروط يمكن وصف بعضها بغير الإنسانية.

مصدر طبيي في مشفى الأمراض الجلدية بدمشق قال لنورث برس، إن عدد المصابين الذين يراجعون المستشفى يصل يومياً إلى عشرة حالات.

وبين المصدر أن حالات الإصابة التي تراجع حالياً، تختلف في أعراضها عن الحالات الشائعة للمرض عموماً، وذلك “من حيث وجود حالات معندة على المعالجة، وأخرى فترة حضانتها طويلة حيث يستغرق ظهور الأعراض مدة تتراوح بين 4-6 أسابيع. ولكن الحالات التي تراجع يتبين أن الفترة أكثر من ذلك بأشهر”.

وخلال هذه الفترة يكون الشخص مصدراً للعدوى حتى لو لم تظهر الأعراض على صاحبها. ويعتقد المصدر أن السبب يعود إلى تطوير الجراثيم لنفسها.

وأضاف أن القصص السريرية للمراجعين تبين أيضاً أن هنالك إصابات في المنازل لأشخاص دون غيرهم من أفراد الأسرة.

استخدامات عامة

أضاف المصدر أن العدوى تتم عن طريق الاتصال المباشر، من خلال الاحتكاك بجلد المصاب، أو بشكل غير مباشر عن طريق استخدام ملابس المصاب أو المناشف أو الفراش الملوث.

نهلة العبدالله، المصاحبة لابنتها المصابة بالجرب في مشفى الأمراض الجلدية بدمشق، كانت تبرر بحرج الظروف التي تعيشها وأدت إلى إصابة أفراد من أسرتها بالمرض الجلدي.

تقول “العبدالله” لنورث برس، إنهم اضطروا لاستئجار منزل صغير يتقاسمونه مع خمسة أسر أخرى للتخفيف من أجاره بعدما تهجروا من منازلهم في إدلب.

وقالت إن كل هذا العدد من الساكنين يستخدمون الأدوات ذاتها في المطبخ والحمام والمناشف، ومعدات النوم، وأنه لا يوجد خيارات أخرى أمامهم مع ارتفاع أسعار إيجار المنازل وقلة الدخل. 

وأضافت أن تعايش هذا العدد الكبير في تلك المساحة الضيقة يتزامن مع تراجع كبير في إمكانيات تحقيق النظافة الشخصية والعامة، سواء من حيث توافر الماء والكهرباء، أو مواد النظافة.

وأشارت إلى أنهم يستخدمون منظفات “دوكما” تباع على الأرصفة بأسعار أقل، ولكنها من نوعية أسوأ.

وبحسب الدخل فإن مخصصات الأسبوع صابونة واحدة، ولكن لا يقل سعرها عن 3 آلاف ليرة، وعندما تنتهي يمكن أن يكتفوا بصب الماء لوحده دون صابون.

وقالت إن حالهم كحال الكثير من الأسر المهجّرة، حيث يعملون على “ضغط النفقات قدر الإمكان، ويقومون بجمع الثياب لأكثر من أسرة، ومن ثم غسلها مع بعضها في غسالة نصف يدوية إذا كانت الكهرباء متوافرة، أو على أيديهم  في الكثير من الأحيان وكل هذا لا يحقق النظافة المطلوبة”، كما تختتم حديثها.

ولا يقتصر التقشف في الحياة على الأسر المهجرة، بل هنالك الكثير من العائلات التي اضطرت إلى تقليص استخداماتها لمواد التنظيف ونويتها وهذا يعني نظافة شخصية أقل.

اختلاطات

وأشارت طبيبة جلدية في ريف دمشق لنورث برس، إلى أن هنالك حالات تراجع العيادة من مرضى مصابين بالجرب.

وأكدت أنه “راجع عيادتها العديد من حالات الجرب، ولكنهم كانوا يتلقون علاجات خاطئة، ربما لأن هنالك أطباء لم يعلموا بعودة الجرب إلى البلاد بعد، ويتعاملون مع حالات الحكة الناتجة عن الجرب وكأنها أكزيما أو حساسية الأمر الذي تسبب بطول فترة العلاج وعدم الشفاء، والمساهمة في انتشار المرض بين الأشخاص الذين يعيشون مع المصابين”.

سوس ناقب

وتشير المعلومات الطبية إلى أن الجرب ينتج عن سوس ناقب يسمى “القارمة الجربية” حيث يعيش تحت الجلد، ويتكاثر ويسبب حكة شديدة خاصة خلال الليل في المنطقة التي ينقب فيها السوس.

وعن المناطق الذي يظهر فيها الجرب قالت اختصاصية الجلدية لنورث برس، إنه يظهر بين أصابع القدمين والرجلين، وحول منطقة السرة والأرداف.

وكذلك في الطيات كالحال تحت الذراعين والإبطين وحول الأعضاء التناسلية والثديين.

وأشارت إلى أن الإصابة لا تشير دائماً إلى قلة النظافة، فالمرض ينتقل عن طريق النوادي والصالونات والمدارس والشاليهات. وبينت أن مدة علاجه تحتاج من 3 أيام إلى أسبوعين.

وسبق هذا الوباء انتشار القمل بين طلاب المدارس، خاصة أن هنالك أعداداً كبيرة من الطلاب في الشعبة الصفية الواحدة، ويتجاور تلاميذ يعيشون ضمن بيئات مختلفة إلى جانب بعضهم خاصة للطلاب النازحين الذين يعيشون بشروط سيئة.

وانتشر أيضاً مرض الكوليرا وكل هذا ناتج عن سوء شروط المعيشة، حيث تسبب تلوث مياه الشرب بالصرف الصحي، بانتشار إصابات الكولير والتهاب الكبد الإنتاني خاصة في الأرياف وكان من أبرزها الإصابات في ريف محافظة اللاذقية بالكوليرا والكبد بسبب تلوث الماء بالصرف الصحي الناتج عن عمليات فساد عند تمديد شبكات الصرف الصحي.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله