مقومات الزراعة تغيب عن مزارعي درعا وتزيد من معاناتهم
درعا ـ نورث برس
يعدد مرعي الرفاعي، وهو مزارع في ريف درعا الشرقي، المعوقات التي يعاني منها المزارعون في درعا، وهي قلة مصادر الطاقة المشغلة لمياه الري مثل المحروقات وارتفاع تكلفة تركيب الطاقة الشمسية في ظل غياب الكهرباء، وأيضا شح الأسمدة والأدوية الفعالة ذات الجودة العالية، إضافة لعدم توفر البذور المهجنة ذات الإنتاج العالي والمقاومة للأمراض.
وتعتبر الزراعة من أهم مصادر الدخل للسكان في محافظة درعا جنوبي سوريا، حيث يعتمد أكثر من نصف السكان على الزراعة، وخصوصاً القمح والخضراوت، لكن شح المحروقات وارتفاع أسعارها أدى إلى تدهور هذا القطاع بشكل تدريجي وكان واضحاً انخفاض المساحات المزروعة.
ويقول “الرفاعي”، لنورث برس، إن أسعار المحروقات تضاعفت بشكل كبير حتى وصل سعر ليتر المازوت إلى عشرة آلاف ليرة سورية وأحياناً أكثر.
ولا يستطع المزارعون تشغيل البئر المخصص للري، بسبب انقطاع التيار الكهربائي المغذي للآبار، بسبب زيادة ساعات التقنين التي وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من اثنا عشر ساعة مقابل ساعة وصل واحدة تنقطع فيها الكهرباء أكثر من مرة ويكون تردد الكهرباء منخفض.
وبتكلفة تجاوزت المئة مليون ليرة سورية، قام “الرفاعي”، بتركيب منظومة طاقة شمسية، تعمل على تشغيل البئر خلال النهار لتصب مياهه في “البركة” (خزان من الباطون)، ورغم ذلك فهو لا يستطيع الاستغناء عن المازوت لتشغيل المحرك الذي يضخ المياه من “البركة” إلى المزروعات.
انعكاس على تكاليف الزراعة
وانعكس ارتفاع أسعار المحروقات على تكاليف الزراعة والإنتاج، فتكلفة زراعة خمسين دونماً من البطاطا تتجاوز مئتي مليون ليرة سورية، وهي آخذه في الزيادة بسبب ارتفاع أجور نقل الأيدي العاملة وأجور نقل التجهيزات وأجور نقل الخضار من الأرض إلى السوق، بحسب المزارع.
كما تسبب انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، الذي تجاوز حاجز الستة آلاف ليرة، بمعوقات أخرى في الزراعة، إذ أن أسعار الأسمدة والأدوية الأجنبية التي تصل مهربة إلى سوريا تواصل ارتفاعها بسبب ارتباطها بالدولار.
وشمل الارتفاع جميع مستلزمات الزراعة مثل شبكات الري والنقص الحاد فيها بسبب توقف الكثير من المصانع في سوريا عن العمل.
ورغم كل تلك المعوقات، إلا أنه “لا وجود لجهود حكومية للتخفيف عن المزارعين، بل هي تضييق عليهم وتقاسمهم أرزاقهم كما حصل الصيف الماضي عند محاولة اقتحام المدينة”، بحسب “الرفاعي”.
ويشير إلى أن فتح باب التصدير من شأنه أن يحافظ على سعر المحاصيل على طول الموسم ويضمن عدم خسارة التاجر.
ويضيف: “مع إيقاف التصدير فإن الأسعار تكون جيدة فقط بأول الموسم وتهوي بعد شهر واحد إلى آخر الموسم بعد تكدس المادة وجمود الأسواق، أما التصدير فيحافظ على توازن بين الطلب في الأسواق وكمية المادة المطروحة”.
جفاف وانخفاض مساحات
وسابقاً كان المزارعون في درعا يعتمدون على الأمطار الغزيرة، إذ كانوا يزرعون مساحات تصل لمئة وخمسين دونماً في القمح، ولكن خلال الأعوام الخمسة الأخيرة ونتيجة الجفاف انخفضت المساحات المزروعة لخمسين دونماً من القمح.
ويقول موسى الزعبي هو مزارع في ريف درعا الشرقي، لنورث برس، إن قلة الأمطار والجفاف يضطر المزارعين لسقاية مزروعاتهم التي كانت سابقاً تعتمد على مياه الأمطار، حيث كان نوعية البذار تتأقلم مع قلة المياه ولكن في نفس الوقت يكون الإنتاج ضعيفاً.
ويوضح أن زراعة خمسون دونماً من القمح أصبحت تكلفتها عالية جداً، حيث تجاوزت التكلفة المبدئية عشرة ملايين ليرة سورية في اليوم الأول للزراعة على أن يلحق بها تكلفة الحصاد وثمن أكياس لتعبئة القمح والتبن التي لا نستطيع التنبؤ بها بسبب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية.
وذكر أن تكلفة حراثة الأرض تجاوزت ثمانون ألف ليرة في الساعة، فيما وصل سعر حراثة الدونم الواحد أكثر من ثلاثون ألف ليرة.
وتوقع “الزعبي” ارتفاع أجرة الحصاد، حيث دفع المزارعون العام الماضي بين 25 و30 ألف ليرة سورية، مرجحاً أن يصل المبلغ للضعف في ظل انهيار قيمة الليرة السورية.
الخبير الاقتصادي المقيم في كندا، أسامة القاضي، قال لنورث برس: “العقوبات على إيران أثرت على إمدادات سوريا بالنفط والكميات التي تصل إلى سوريا ليست كلها للاستهلاك المدني، حيث جزء كبير منها كيروسين للطائرات”.
وأشار إلى أن توجه الحكومة السورية إلى خصخصة قطاع النفط أدى إلى “شح توفر المحروقات وتحكم عدد من الأشخاص بتوريدات المحروقات الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار”.