كوباني – نورث برس
تتوتر عينة، عند ذهاب أحد أولادها إلى العمل في كرمهم القريب من الحدود التركية، ولا تنفك تراقب البستان حتى يعود إلى المنزل خوفاً من تجدد القصف التركي.
تقول عينة جمو (65 عاماً) من سكان قرية خوخري غربي كوباني، إن أولادها غير قادرين على رعاية أشجارهم بحرية بسبب مخاوفهم من أن تطالهم القذائف، لا سيما وأن بستانهم قريب من الحدود التركية بمسافة أقل من 3 كم.
ورغم عودة الهدوء النسبي إلى كوباني بعد أيام عصيبة عاشها السكان بسبب القصف التركي العنيف، إلا أن مخاوفهم من تجدد القصف لم تتبدد، وسط تساؤلات عن جدوى الدوريات التركية الروسية المشتركة التي تمر بقراهم؟.
وبات القصف المتكرر الذي يتسم بالعشوائية، يؤرق سكان القرى الحدودية، حيث يصفون الوضع بـ”المزري”، وسط خوفٍ كبيرٍ يسيطر عليهم، من شن تركيا عملية برية في قراهم.
وتعلم “جمو”، أن خوفها على أولادها لن يغير من المصير في حال حدوث أي مكروه لهم، “لكنه قلب الوالدة”، ومثل حالها أمهات أخريات، يخشين النزوح والقصف التركي.
ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار في شمال شرقي سوريا الذي جرى بين روسيا وتركيا عام 2019، سيرت الدولتان 119 دورية مشتركة في ريف كوباني.
وتنتقد المرأة الدوريات المشتركة، وتقول: “منذ أيام قصفوا قريتي زورمغار وجرقلي، وبعد ذلك مرت الدوريات من القرى وكأن شيئاً لم يحدث، لماذا يسيّرون هذه الدوريات إذاً؟”.
ويصف سكان قرى غربي كوباني، الموقف الروسي بـ”المتواطئ”، في ظل صمته ومتابعة موسكو أعمالها دون “اكتراث لحياة المدنيين”.
ومنذ العشرين من الشهر الماضي، تواصل القوات التركية قصف مناطق في الشمال السوري، بينها كوباني وريفها بالمدفعيات والطيران الحربي والرصاص العشوائي، وتصاعد القصف في بدايته ليستمر لكن بوتيرة متقطعة.
ونتيجة الاستهداف المتكرر، يتخوّف قادر بكر (58 عاماً)، من شن القوات التركية عملية برية في الشمال السوري، وتكرار سيناريو عفرين، “والانتهاكات التي اُرتكبت بحق السكان بعد غزوها”.
وأمام القصف المتكرر يأبى الرجل ترك منزله وأرضه والنزوح إلى مكان آخر، مطالباً روسيا باتخاذ موقف حازم تجاه القصف والاتفاق على وقفه، كما تتفق مع تركيا على تسيّير دوريات في المنطقة.
والخميس الفائت، قصفت المدفعية التركية مواقع انتشار الجيش السوري في محيط قريتي جيشان وخرابيسان بريف كوباني الشرقي.
وكحال “بكر”، تتساءل فاطمة دابو (57عاماً) عن المكان الذي ستنزح إليه في حال شنت تركيا عملية برية، في ظل شتاء قاس.
وتتذمر “دابو”، من القصف المتكرر للأراضي الزراعية والمنازل في القرى الآهلة بالسكان، “أطفالنا يصابون بالذعر من أصوات القذائف”.
وتأمل المرأة انتهاء الأعمال الحربية والقصف والعودة لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، يرعون أغنامهم ويزرعون أراضيهم، ويهتمون بممتلكاتهم.
الأمر ذاته يراه مصطفى محمد (42عاماً) من أكثر المشاكل التي تواجههم نتيجة القصف التركي المتكرر، حيث لا يستطيع الرجل حراثة أرضه أو العناية بأشجاره من فستق حلبي وزيتون.
ويطالب “محمد”، كما عموم سكان القرى الحدودية، الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، بإيجاد حل جذري للاعتداءات التركية، لا سيما بعد فشل الدوريات المشتركة ووجود نقاط للجيش السوري، في وقف تلك الاعتداءات.