“حبة سكر”.. شابة مسرحية من حلب تختزل معاناتها خلال 35 عاماً

حلب – نورث برس

مع قدمٍ مهددة بالبتر وضعف في البصر وحاجتها المستمرة لإجراء تحليل سكر دم، تصرُّ سلاف صاحبة الـ 35 عاماً على إكمال مسيرتها في مجال المسرح رغم أن الخيبات لا تنفك تتوالى عليها منذ أن كانت طفلة.

في منزلها بحي السريان الجديدة بمدينة حلب، تسرد سلاف الكرز لنورث برس، بعضاً من تلك الخيبات، إذ لم تنل حظاً وفيراً منذ بداية حياتها.

بدأ الأمر بإصابتها بمرض داء سكري الأطفال حين كانت تشق طريقها في عالم التمثيل والمسرح قبل 20 عاماً، أصيبت أثناء أحد العروض برعبه مفاجئة، وتقول استناداً لما أخبرها أطباء، أنها كانت السبب في إصابتها بالمرض.

هنا تضيف الشابة، والممثلة المسرحية، أن داء السكري كغيره من الأمراض المزمنة قد يكون قاتلاً للشخص الذي يستلم له، لكنها لم تدع المرض ينل من طموحها ولم تتوقف عن متابعة حياتها وممارسة شغفها في التمثيل.

ودخلت جامعة حلب وتخرجت منها باختصاص أدب إنكليزي، “لم أتوقف عن متابعة حياتي، فشخصيتي مرحة وتحب الحياة رغم الألم الذي أصابني منذ الصغر”.

وتحتاج “الكرز” إلى تحليل سكر بشكل مستمر في حال شعرت بالعطش أو الرجفان، وليس لديها استقرار في نسبة السكر فهي تصل في أغلب الأوقات بين 400 و550 درجة على جهاز فحص الدم.

لم تصبح أماً

على ذات الخشبة، تعرفت على زوجها الذي منعها من التمثيل، وأمام رغبتها بمتابعة حياة هانئة رضخت لطلبه بالامتناع عن ارتياد خشبة المسرح، رغم أنها تعرفت عليه هنا.

كانت تتمنى في هذه المرحلة من حياتها أن تنجب أطفالاً لكن ذلك لم يجرِ كما كانت تشاء، إذ أنجبت ثلاث مرات وعاش اثنان منهما فترة لا تتجاوز أياماً وآخرهم 30 يوماً، ليقرر الزوجان الانفصال بعد عشر سنوات من الزواج.

تقول عن هذا، “كان ذلك بمثابة صدمة كبيرة لي” وخاصة أنها تنازلت عن شغفها لأجله.

وأمام خيانة الجسد وخيبة الأمل بالشريك، التي تسببت لها بحالة من عدم الرضا عن النفس والضيق، أُصيبت “الكرز”، باحتشاء دماغي، استجاب له طرف جسدها الأيسر وخانها هو الآخر، لتجد نفسها مشلولة نصفياً عام 2007.

وعادت تمارس حياتها بشكل طبيعي بعد نحو شهرين من العلاج، شعرت حينها أن عليها العودة إلى شغفها على خشبة المسرح حيث المتنفس لروحها المتعبة، وبالفعل هذا ما حدث.

عادت الفنانة لأخذ دور الشخصية التي تُحب “دعسوقة” الكرتونية بحلب، إذ أنها تميل لمسرح الأطفال أكثر.

واستطاعت “الكرز” أن تكون من الفنانات المميزات في أعمالها ضمن الخشبة المسرحية بحلب ولها أكثر من 50 عمل تنوعت بين درامية وتجارية ومنها خاصة للأطفال.

القصة على الملأ

وبقيت تُقدم عروض الأطفال على خشبة المركز الثقافي بحلب إلى أن سقطت في أحد العروض الخاصة بالأطفال في عام 2020 وكسر رجلها اليسرى، لكنها رفضت أن تغادر الخشبة وحاولت التحامل على إصابتها وتابعت العرض وهي مصابة.

ولكن ذلك أضر برجلها وكونها مريضة سكر، أخذت حالة رجلها تسوء دون علمها.

مما دفع طبيبها لإجراء عمل جراحي لها ووضع جهاز في رجلها يمنعها من الحركة عليها دون ارتداء “البوط الطبي” الذي يضمن إحاطة القدم بكمية من الهواء المضغوط على العظم لتفادي أمور طبية جديدة قد تحدث.

ما تعرّضت له “الكرز” ألهم الكاتب السوري محمد فاقي، لكتابة قصتها كمسرحية عُرضت على ذات الخشبة، حملت عنوان “حبة سكر”، سردت فيه آلامها في مهرجان مونودراما الشباب الثالث في حلب العام الماضي.

وهذا النوع من الأعمال المسرحية ينفرد به الممثل وحيداً على خشبة المسرح ويُغني المسرح في عدة شخصيات معاً.

وقدمت “الكرز” عملها الذي تحدثت من خلاله عن صعوبات حياتها مع المرض والزواج والشلل، ليتفاعل معها الجمهور في أصعب لحظات العرض عند وصول جهاز فحص الدم على الخشبة إلى 500 من ارتفاع السكر في الدم.

إعداد: رافي حسن – تحرير: سوزدار محمد