“المركزي والتموين والجمارك” أبرز المتهمين برفع سعر الدولار أمام الليرة
دمشق ـ نورث برس
يختتم السوريون عامهم الذي شارف على الانتهاء بسعر غير مسبوق للدولار الذي سجل رقماً وصل إلى ما يقارب 6 آلاف ليرة، وهو في حالة تحرك يومي.
وارتفع سعر الدولار خلال أيام إلى نحو 300 ليرة، ليسجل سعراً وصل في مطلع الشهر الجاري إلى نحو 5600 ليرة, بينما سعره حالياً 5900 ليرة دون وجود أي حدث استثنائي يستدعي هذه الزيادة.
المتهم الأول
خبير مصرفي يقول لنورث برس، إن “المصرف المركزي يتحمل مسؤولية كل الأسباب التي أدت لانهيار الليرة أمام للدولار، بل اتهمه أيضاً بأن سياسته تسببت في حرق البلد!”.
وعن رأيه في الأسباب المباشرة لارتفاع سعر الدولار الأخير دون وجود أسباب مباشرة، قال المصدر إن هنالك أكثر من سبب مباشر لما يحصل منها “حملات المداهمة التي تقوم فيها الجمارك على المحلات التجارية، ومصادرة البضائع المستوردة نظامياً، والتي مضى على تاريخ بيانها الجمركي عامين”.
وأضاف المصدر أن هذا النوع من البضائع يعد مخالفة بحسب قانون الجمارك.
وأشار إلى أن هذا الإجراء تسبب بـ”جمود رهيب” في الأسواق، ودفع بعدد كبير من التجار لتصفية أعمالهم والهجرة خارج البلاد.
وقبل أن يسافر هؤلاء أصبحوا يطلبون الدولار لتهريبه إلى الخارج، مما زاد الطلب على الدولار ورفع سعره، لأن الدولار كأي سلعة تخضع للعرض والطلب.
جمع الصرافين
أضاف المصدر أن السبب الثاني لهذا الارتفاع الكبير خلال أيام، هو الحملة التي قامت بها الجهات المختصة على الصرافين، حيث “تم جمع كل الصرافين الذين كانوا يعملون في الحوالات الخارجية، وتم وضعهم في السجن، وهذا الإجراء حال دون إمكانية استلام الحوالات القادمة من الخارج، الأمر الذي تسبب بتراجع المعروض من الدولار أمام الطلب المتزايد بالوقت ذاته”.
وعن رأي التجار في أسباب ارتفاع أسعار الدولار، قال عضو في غرفة تجارة ريف دمشق، إنه التاجر المصدّر يخسر عندما يرتفع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء, وذلك لأن المصرف المركزي يسلم قيمة الصادرات بسعر أقل بكثير من القيمة الحقيقية للدولار، أي أنه يلزم المصدر على استلام حوالته بالليرة السورية وبسعر رخيص وهذا يتسبب بوقف التصدير، وتراجع عرض الدولار في السوق السوداء، وهذا بدوره يتسبب بارتفاع سعر الدولار أكثر أمام الليرة السورية.
أضاف التاجر أن مشكلة تراجع الليرة أمام الدولار لا يعود لسبب واحد، فـ”لدوريات التموين أيضاً دور في رفع سعر الدولار”، وذلك بسبب حملاتها على الأسواق التي تسببت بالكساد في الأسواق، وهروب من العمل لأن المخالفات فيها سجن وغرامات مالية كبيرة، حسب قوله.
وقال إنهم يريدون من التاجر أن يبيع بضائعه القديمة على السعر القديم حتى نفاذ الكمية، وعندما يعود ليشتري عوضاً عنها يشتريها على السعر الجديد.
وكمثال عندما يبيع التاجر 10 كراتين على السعر القديم، ويشتري بنفس قيمة المبيعات 7 كراتين على السعر الجديد فهذا يعني خسارة 30% عند شراء ذات البضاعة. ومع وضع كهذا يصبح من الطبيعي أن يهرب التجار مع دولاراتهم، حسب قوله.
وأكد فكرة حركة نزوح التجار المستمرة من البلد، وكل من يخرج يعمل على جمع أمواله بالدولار والهروب فيها.
وكل هذه الإجراءات تتزامن مع نقص الإنتاج والاعتماد في تأمين حاجة السوق على الاستيراد.
لا تنطبق عليه
في حين يقدم الإعلامي الاقتصادي، أحمد عبد الرزاق، لنورث برس، قراءة مختلفة في رؤيته لأسباب ارتفاع سعر الدولار.
ويقول إن الاقتصاد السوري، وتحديداً القطاع المالي منه “وصل لمرحلة لم تعد تنطبق عليه أي من التفسيرات المعتادة في العالم. لذلك لا يمكن الحديث بدقة عن تغيرات اقتصادية أدت لهذا التسارع في هبوط الليرة السورية”.
ويضيف: “هي حالة متكررة في سوريا هبوط متسارع يعقبه نوع من التعافي لكن الاتجاه العام يسير إلى الانخفاض”.
والتفسيرات المنطقية والعلمية، بحسب الاقتصادي، تقول إنه من المفترض أن يكون هنالك تداول كبيرة في الليرة السورية وزيادة طلب على الدولار، وهذا أمر ليس طارئاً في سوريا، فمنذ سنوات وما بعد الأزمة هنالك طلب متزايد على الدولار كما أن المضاربة لم تتوقف يومياً.
يزيد صعوبة تفسير الأمر “غياب أي نوع من الشفافية سواء من المركزي أو المؤسسات المعنية بالشأن الاقتصادي بشكل مباشر”، إذ تبدو الدولة السورية وكأنها خارج نطاق كل هذه العملية.
ما حدث مؤخراً والذي قد يكون مفسراً لما يجري هو الضغط على التجار والاقتصاديين، وهو ضغط غير مبرر اقتصادياً ما جعل هؤلاء يغلقون أعمالهم وبالتالي يزيد الطلب على الدولار، رغم أن هذا العامل أيضاً ليس طارئاً.
باختصار لم تعد الدولة ومؤسساتها هي اللاعب الأساسي في هذا الموضوع، لذلك يصعب تفسيره بالآليات المعروفة اقتصادياً، ويبدو أن الأقرب هو المعرفة من خارج الاقتصاد لمعرفة كيفية إدارة البلد، والتي تفتقر لأي طابع مؤسساتي، بحسب مراقبين.