فيان محمد.. طفلة نازحة في مخيم الرقة اقتربت تبحث عن دفء فاحترقت
الرقة – نورث برس
جلست فريدة تغسل الملابس وتقوم ببعض الأعمال المنزلية في خيمتها بمخيم تل السمن شمالي الرقة شمالي سوريا، بعد أن أرسلت طفلتها إلى المدرسة وذهب زوجها وأولادها إلى العمل.
في هذه الأثناء، وبينما تتابع المرأة أعمالها، سمعت عويلاً وصرخاتٌ تعالت، ورأت عموداً من الدخان، لكنها لم تكترث بالأمر.
لكن أحدهم أخبرها أن حريقاً نشب في المدرسة حيث طفلتها فيان، إلى هنا بكت المرأة بعد أن سردت ذلك لنورث برس، فهي الآن تجالس طفلتها في قسم الحروق في مشفى الرقة الوطني.
وتعرضت طفلة فريدة رشو، التي تبلغ من العمر (11عاماً) لحروق من الدرجة الثانية.
كانت فيان، نازحة من منطقة تل أبيض، واحدة من أحد عشر طفلاً أصيبوا بحروق متفاوتة نتيجة اشتعال الخيمة المُستخدمة كغرفة صفيّة، جرّاء انقلاب مدفئة.
والخميس، توفيت طفلة جراء إصابتها البليغة، فيما حالة فيان وطفل آخر حرجة.
وبينما تتحدث وتفرك يديها، تقول، “كل يوم ابنتي تذهب إلى المدرسة”، وتتنهد “لكن حسبي الله ونعم الوكيل، حدث ما حدث”.
أثناء حديثها عن حال ابنتها تحاول “رشو”، كبت دمعتها، فيرتجف صوتها تارة وأخرى تبتلع غصة تقطع أحشائها، دون أن تشعر، ما يؤلمها أكثر حال فلذة كبدها.
وتدرس فيان في خيمة من البلاستيك، لا تقي حرارة الصيف وهشة أمام الرياح، هذه الخيمة مزودة بمقاعد، وبينما كان الأطفال يتجمعون حول المدفأة يقع “دبو” المازوت على المدفأة، ليشب الحريق، وبما أن الخيمة من “البلاستيك” كانت سريعة الاشتعال.
تقول الوالدة إن طفلتها حاولت طلب النجدة، لكن اشتعال الخيمة أسرع من صراخها، حيث ذابت على جسدها وأُصيبت في الوجه والظهر واليدين.
وتضيف بحرقة، “فقدت طفلتي القدرة على الحركة أو حتى فتح عينيها، منذ نزوحنا من بيوتنا ونحن نعاني من الحروب والخوف والآن نفقد فلذات أكبادنا أمام أعيننا”.
ويقطن في مخيم تل السمن حوالي 6621 نازح موزعين على 1261 عائلة، غالبيتهم من كبار السن وأطفال ونساء نزحوا من تل أبيض وريفها أثناء العملية العسكرية التركية ضد سري كانيه وتل أبيض عام 2019.
ووفقاً لإحصائيات الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، دفعت العملية التركية حينها لنزوح نحو 300 ألف شخص من ديارهم من المنطقتين.
ولم تستطع الأم إخفاء دموعها، إذ أنها تنظر إلى طفلتها تصرخ من الألم وليس لديها القدرة على فعل شيء، “الحرب ملعونة حرقت ملامح الأطفال وأجسادهم وأحلامهم البريئة، ومستقبلهم وحاضرهم”.
وتستدرك، “لو كان هؤلاء الأطفال في منازلهم وفي مدارس جيدة بدلاً من الخيام لما كانت هذه الكارثة حلّت علينا”.
وفي آب/ أغسطس الماضي، فقد طفلان حياتهما وأصيب 5 نازحين، جراء اندلاع حريق بمخيم واشوكاني غربي الحسكة.
وتتكرر حوادث احتراق الخيم في مخيمات بشمال شرقي سوريا وتعد أشد خطورة من الحرائق المنزلية بسبب قرب الخيم من بعضها وصعوبة إطفاؤها مباشرة، حيث تكون سريعة الاشتعال بسبب طبيعة الخيم المبنية من البلاستيك والأقمشة.
لذا ترى “رشو” أن إيجاد غرف صفيّة جاهزة لأطفال المخيمات أولوية، في الوقت ذاته تحمّل المعلمون مسؤولية الانتباه للأطفال.