حال مزارعي ريف الحسكة.. يستبشرون بالأمطار ويتخوفون التصعيد التركي

تل تمر- نورث برس

شكلت الهطولات المطرية الأخيرة، ارتياحاً للمزارع عبدالكريم، الذي بدأ بحراثة أرضه ونثرها بالقمح والشعير متأملاً بموسم واعد يعوضه الخسائر المالية التي تكبدها العامين الأخيرين بسبب الجفاف.

ويمني عبدالكريم نايف (57 عاماً) نفسه على غرار مزارعي منطقته، تل تمر الواقعة شمالي مدينة الحسكة، بحصد موسم وفير يعوضهم خسائر أهم ركيزة اقتصادية يعتاش عليها سكان شمال شرقي سوريا.

ويقول المزارع لنورث برس: “الهطولات المطرية بعثت ارتياحاً للمزارعين وشجعتهم على زراعة حقولهم بمساحات واسعة”.

ويضيف: “توكلت على الله وزرعت ما يقارب 200 دونم من القمح والشعير”.

وسجلت بلدة تل تمر نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، أعلى معدل للهطولات المطرية في الجزيرة السورية بكمية 8.5 ملم، بحسب مديرية الأرصاد الجوية السورية.

ورغم حالة التفاؤل التي تعم المزارعين، إلا أن الهطولات المطرية ليست كافيةً لتبديد مخاوفهم من فقدان محصولهم، إذ يشكل القصف التركي المكثف على أرياف البلدة بين الحين والآخر، هاجساً من الخوف ويترك المجال مفتوحاً أمام جميع الاحتمالات التي تربك حسابات المزارعين المستقبلية.

وبعد وصول القوات التركية إلى مشارف البلدة وسيطرتها على عشرات القرى عقب اجتياحها لمدينة سري كانيه (رأس العين) نهاية عام 2019، فقد المزارع ‘‘نايف’’ قطعة من أرضه ومنزله في قرية خربة غدير شمالي تل تمر، والتي باتت تخضع لسيطرة تركيا وفصائل موالية لها حالياً.

وقال بلهجته العامية: “نخاف من القصف، لكن ماذا نفعل نأمل من الله أن يبعد الشر عنا”.

وخلال الموسمين الماضيين، تسبب الجفاف جراء الانحباس المطري بتهديد الأمن الغذائي لسوريا، وتفاقمت تداعياته حتى وصلت إلى رغيف الخبز.

وفي حقل مجاور لسابقه، ينهمك المزارع عبدالرحمن عليوي (30 عاماً) في سقاية محصوله بعدما استبشر خيراً عقب الهطولات المطرية.

ويقول، بينما يمسك بمجرفته وسط حقله البالغ مساحته 10 دونمات جنوبي تل تمر، “الأمطار الأخيرة انعشت آمالنا بموسم مبشر بعد عامين من الجفاف ألحقا خسائر كثيرة بنا، وحالياً الأرض خضراء”.

لكنه في الوقت ذاته، لم يخفِ “عليوي”، مخاوفه من القصف التركي المتصاعد الذي يدوي بين الحين والآخر، “بالطبع نخاف، لكن لا يوجد شيء بيدنا وندعو الله أن لا يحصل أي مكروه”.

وتوفر المواسم الزراعية إلى جانب تربية الماشية، فرص عمل لسكان المنطقة، كونها توفر مصدر دخل جيد للعائلات ذات الدخل المحدود في المنطقة.

وقبل نزوحه من قريته، تل الورد غربي بلدة تل تمر، كان يملك أحمد حميد، (35 عاماً)، أرضاً زراعية تبلغ مساحتها 10 دونمات، إلا أنه وبعد النزوح إلى قرية قبر شامية جنوبي البلدة، أصبح يعمل كمزارع في أراضي سكان القرية.

وكما سابقيه، يتفاءل “حميد” بهذا العام ويصفه بـ”المبشر”، ويقول: “بعد الجفاف وقطع المياه من داخل الأراضي التركية، نرى عودة جريان نهر الخابور وهذا يدعو للتفاؤل بالنسبة للمزارعين”.

وكانت مصادر محلية ذكرت العام الفائت لـنورث برس، إنشاء القوات التركية سدوداً على نهر الخابور لمنع جريان المياه إلى مناطق الإدارة الذاتية، الأمر الذي فاقم من الجفاف وانعكس سلباً على المزارعين.

ويرى “حميد” أن انتعاش الزراعة هذا العام سينعكس على الكثير من المشاريع المتعلقة بالزراعة وقطاع تربية الماشية التي أنهكها الجوع وكبد أصحابها خسائر مادية كبيرة.

لكن المزارع الثلاثيني، يتخوف أيضاً من نزوح جديد جراء القصف التركي، “بالطبع خائفون، القذائف تصل إلى هنا، ولا نعلم بأي لحظة نترك أرضنا مرة أخرى وننزح”.

إعداد: دلسوز يوسف ـ تحرير: قيس العبدالله