أشدها للبنتاغون.. تصاعد تدريجي للموقف الأميركي تجاه التهديد التركي في سوريا

القامشلي- نورث برس

تصاعد الموقف الأميركي تدريجياً تجاه التهديد التركي بشن عملية جديدة في سوريا، حيث وجهت واشنطن تحذيرات مكثفة لأنقرة بعد مضي نحو أسبوعٍ على غارات جوية استهدفت على نطاق واسع بنى تحتية ومواقع مدنية وعسكرية بما فيها التحالف الدولي.

واتسم الموقف الأميركي في بادئ الأمر بـ”الخجول” في أعقاب الهجمات التركية التي قالت أنقرة إنها جاءت رداً على هجوم وسط إسطنبول في الثالث عشر من تشرين الثاني/سبتمبر الجاري، رغم النفي القاطع من جانب قوات سوريا الديمقراطية.

رفض شديد

إلا أن البيان الأخير لوزارة الدفاع الأميركية، كان أشد لهجةً حين أبلغت تركيا برفضها الشديد لعملية عسكرية.

وجاء التحذير الأخير على لسان الوزير لويد جيمس أوستن، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي، بحسب بيان للبتاغون صدر في وقت مبكر من يوم الخميس، حيث أكد فيه “معارضته القوية لعملية عسكرية تركية جديدة في سوريا”.

والرفض “الشديد” أتى بعد تهديدات متكررة أطلقها الجانب التركي بشن عملية عسكرية برية “اليوم أو غداً أو في وقت لاحق دون أخذ الإذن من أحد”، حسب ما قاله المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن على قنوات تركية قبل يومين.

وقالت الولايات المتحدة إن بعض الضربات الجوية الأخيرة شكلت تهديدًا للأفراد الأميركيين الذين يشاركون قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد “داعش” بمناطق شمال شرقي سوريا.

وتعتبر واشنطن أي هجوم تركي عبر الحدود، تقويضاً للعمليات ضد “داعش” والتي تعدها أولوية قصوى لها في سوريا.

وأخذ هذا الملف حيزاً في قمة وزراء خارجية دول الناتو في رومانيا يوم أمس، حيث حاول الجانب التركي إثارته وإقناع الدول الشريكة في الحلف بدعم عملياته ضد قوات سوريا الديمقراطية التي تكتسب سمعة دولية حسنة في حربها ضد الجماعات المتشددة تحت غطاء التحالف الدولي.

تركيا تثير رواية هشة

والمكالمة بين وزيري دفاع الحليفين في حلف شمال الأطلسي، جاءت بعد ساعات فقط من اتهام تركي لواشنطن على لسان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، قائلاً في مؤتمر صحفي بالعاصمة الرومانية بوخارست، إن الولايات المتحدة تدعم “الإرهابيين”.

وفي حديثه عن الهجوم البري المحتمل شمالي سوريا، أشار جاويش أوغلو إلى “محاولات لمنع تركيا من شن هذه العملية”، وهذا التصريح كان متضارباً على نحو ملحوظ مع تصريحات الرئيس التركي المتكررة “سنهاجم قريبا”.

ورداً على البلاغ الذي قدمه أوستن فجر اليوم، نفى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، استهداف قوات التحالف أو المدنيين في عمليات بلاده التي قال إنها “نفذت دفاعًا عن النفس”.

لكن المعطيات لم تخف على الرأي العام بما فيها الولايات المتحدة، عند ظهور حجم الأضرار التي ألحقتها الغارات التركية بالمدنيين ومنشآتهم الخدمية والبنى التحتية في المنطقة، فضلاً عن أن الرواية التي تمكست بها تركيا (رداً على هجوم إسطنبول واتهام قسد بذلك) لم تُثبت وظلت مشكوكٌ بها، ولاسيما بعد المعلومات التي كشفها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.

وفي الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كشف عبدي في تصريح  للمونيتور حقائق عن تفجير إسطنبول، وقال إن عائلة المتهمة بالتفجير (أحلام البشير) منتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ويقود أحد أفراد العائلة فصيلاً معارضاً في الجيش الوطني الموالي لتركيا.

وأمس الأربعاء، نقلت سكاي نيوز، عن مسؤول في البنتاغون قوله إن “دور تركيا في سوريا مرَّ بمرحلة غير بناءة خاصة في إدلب حيث تنشط جماعات موالية للقاعدة”.

ووجه المسؤول نفسه تحذيرات واشنطن لتركيا بأن أي تعرض لـ”قسد” هو استهداف للجهود الأميركية.

تداعيات

ويفسر تصاعد الموقف الأميركي تجاه العمليات التركية، الوضع بعين الاعتبار التأثيرات التي قد تنجم من أيّ عمل عسكري، وخاصة على جهود محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.

والثلاثاء الفائت، قال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، في مؤتمر صحفي، إنَّ “قوات التحالف الدولي خفضت عدد الدوريات المشتركة في سوريا، عازياً ذلك إلى قيام قوات سوريا الديمقراطية بتخفيض عدد دورياتها بسبب الضربات التركية”.

قبل ذلك، كان “القلق والحث لضبط النفس” هو سيد المواقف الدولية تجاه التصعيد التركي، وهذا بحد ذاته لم يكبح جماح الرئيس التركي الذي يسعى قبيل انتخابات بلاده لكسب ود الشارع القومي على حساب قضم مناطق أخرى من الشمال السوري.

الأمر الذي استدعى مناشدات حثيثة من جانب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كذلك “قسد”، لوقف التهديد التركي، محذرتان من أأن أي عملية تركية من شأنها أن تتحول إلى حرب مفتوحة على طول الحدود.

إعداد وتحرير: هوزان زبير