حان الوقت للتفكير بجنودنا المتجمعين في أماكن صعبة كسوريا التي خرجت من سلم أولويات الجميع.
البنتاغون أدان الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة أميركية في شمال شرقي سوريا الأسبوع الماضي. وعلى الرغم من عدم وقوع إصابات، من المحتمل ألا تكون هذه نهاية دوامة العنف في بلد مزقته الحرب الأهلية.
تسببت الحرب الأهلية في سوريا التي كانت ذات يوم محط اهتمام الأميركيين في مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص وتقسيم البلاد وترك 90 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
في الوقت الذي كان جل تركيزنا على حلف الناتو في أوروبا، قصفت تركيا، جارة سوريا، شمال البلاد تحت ستار حماية السوريين من الإرهاب الكردي. وهذه حجة ضعيفة يستند الأتراك عليها للاستيلاء على السلطة في منطقة تضم منشآت نفطية وقوات التحالف الدولي.
واستهدفت الضربة التركية الأخيرة منطقة قريبة من قاعدة التحالف التي تتدرب فيها قوات العمليات الخاصة الأميركية. (هناك حوالي 900 جندي أميركي في سوريا يدعمون قوات سوريا الديمقراطية). وبالقرب من موقع الضربة يتواجد سجن لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كما ينتشر العشرات من مخيمات اللاجئين التي تأوي عائلات وأطفال.
لماذا يتوجب لفت الانتباه إلى سوريا الآن؟ لأن الضربات العسكرية غالباً ما تؤدي إلى صراع واسع النطاق، ويهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالقيام بهجوم بري في سوريا لتأمين “ممر أمني ضد المسلحين الكرد”. سيكون ثمن الصراع باهظاً.
وبعيداً عن الجغرافيا السياسية للمنطقة، ينبغي على الأميركيين الكرماء خلال فترة الأعياد الآن التفكير في المواطنين البسطاء الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
تقدر الأمم المتحدة أن 6 ملايين سوري معرضون للخطر هذا الشتاء. إن تقديم المساعدات لسوريا أمر حيوي لكنها مجرد خطوة واحدة من عدة خطوات يجب على المجتمع الدولي اتخاذها على الفور.
يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تجديد قرار إرسال المساعدات العابر للحدود الذي يسمح للمنظمات بتسليم المساعدات من تركيا إلى شمال غربي سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة.
يعتبر القرار بمثابة شريان حياة أساسي لتوصيل المساعدات إلى المناطق الأكثر خطورة في البلاد، لكن دوماً ما تطالب روسيا بـ”دليل على إحراز التقدم” في المساعدات التي يتم تسليمها، كما جعلت الصين تقديم المساعدات عبر الحدود أمراً صعباً من خلال التهديد بإغلاق المعابر.
وتأمل الجهات المعنية في “تمديد فني” للقرار، لكن هذا أمر غير مؤكد، وحتى إن تم التمديد، تبقى هناك فجوة لبضعة أسابيع في بداية العام المقبل وذلك عندما يتم إغلاق الحدود وبالتالي تتوقف جميع المساعدات.
تواصل روسيا معاقبة أميركا. ويعتقد الكثيرون أن موسكو تستعد لنسف قرار الأمم المتحدة من خلال رفض تمريره كوسيلة للفت انتباه الدول الأخرى إلى مخاطر دعم أوكرانيا. ويمكن أن نشهد وقف تقديم المساعدات عبر الحدود خلال الأشهر العديدة المقبلة لمدة عام أو أكثر، الأمر الذي سيؤدي إلى تداعيات كارثية على هؤلاء السكان المحاصرين.
التخطيط أيضاً أمر بالغ الأهمية، ويجب على البلدان النامية أن تتطلع إلى تأثير النزاعات قبل التصعيد. ففي سوريا، يجب إعطاء الأولوية لتحقيق الاستقرار في أنظمة المياه وتوسيع مراكز توزيع الغذاء وإيجاد منازل للنازحين السوريين.
ما نتعلمه من أوكرانيا هو عدم انتظار بدء حرب شاملة قبل معالجة ظاهرة الهجرة وتحديات استضافة اللاجئين على المدى القصير والطويل. في حالة سوريا، يجب أن يكون هناك مساحة لجوء جيدة في البلدان المجاورة مثل لبنان الذي يعاني من صعوبات اقتصادية وسياسية.
يعزز برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة برامجه الغذائية في لبنان الذي لا يستضيف فقط لاجئين فلسطينيين وسوريين، وإنما يكافح من أجل إطعام ثلث سكانه.
يحدث الكابوس السوري على خلفية الجفاف غير المسبوق الذي استمر عامين في الشرق الأوسط والفشل الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى المجاعة وتفشي الكوليرا وأمراض أخرى تنتقل حول العالم.
تزداد صعوبة الحفاظ على تمويل النزاعات الخارجية مع قيام الكونغرس الأمريكي المنقسم بالفعل بالحديث عن تخفيض المساعدات الخارجية وزيادة التدقيق في الإنفاق في أوكرانيا.
أخيراً، نحن بحاجة إلى استراتيجيات مراسلة عامة جيدة لإعادة بناء الدعم الأميركي لسوريا ولتوسيع قيمنا الديمقراطية حتى عندما نواصل مناقشة قيمنا. يجب علينا جميعاً أن نعلم من الآن فصاعداً أن الحروب نادراً ما تقتصر على المناطق التي تحدث فيها.
نحن نعيش في مجتمع عالمي – في السراء والضراء. ربما سئمنا أوكرانيا في شهرها التاسع من الحرب ضد روسيا، لكن عام 2023 مليء ببؤر التوتر المحتملة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. ونحن بحاجة إلى التخطيط من أجل المستقبل.
المقال كتبته تارا سونينشاين لصحيفة ذا هيل الأميركية وترجمته نورث برس