مجدار أوسي.. طفلة من كوباني ذهبت لتلعب فكانت هدفاً لحرس الحدود التركي

كوباني – نورث برس

على سرير في مشفى كوباني، شمالي سوريا، تئن مجدار من ألم الرصاصة التي اخترقت جسدها قبل يومين بينما كانت تلعب برفقة أقرانها.

لم تكن تعلم مجدار أوسي (10 أعوام) كما عائلتها، أن لعبها بجوار المنزل في حي “كانيا كردان” في الجهة الشرقية من كوباني، سيجعلها هدفاً محققاً لرصاص حرس الحدود التركي، أو ربما كانوا يراهنون على إصابة أهداف، فكان لهم ما أرادوا حيث استقرت في جسدها الغض.

ظهر الأحد الماضي المصادف السابع والعشرين من الشهر الجاري، أسعفت الطفلة إلى مشفى كوباني بعد إصابتها برصاصة لحرس الحدود التركي في منطقة الحوض.

يقول محمد أوسي (34 عاماً) إن طفلته استأذنته للعب مع أطفال آخرين بالقرب من منزله، وكان لها ما أرادت.

وبينما كان يجلس أمام منزله يشرب الشاي مع جيران له ويتبادلون الحديث، سمع صوت إطلاق الرصاص من الجانب التركي، لم يحركه الأمر، إذ أنه اعتاد على ذلك بسبب قرب منزله من نقطة للجيش السوري.

لكن صراخ الأطفال وخفقان في قلبه دلّه على حلول مكروه لطفلته التي استأذنته منذ برهة من الزمن، هرع الرجل إلى المكان حيث تلعب مع نحو 20 طفلاً، وإذ به يجد طفلته ممددة على الأرض، مضرجة بالدماء.

لم يكن الأب يُدرك أنه سيواجه هذا الموقف الأليم يوماً، فما كان منه سوى حملها والإسراع بها إلى المشفى.

ومجدار لم تكن أول طفلة ضحية الهجمات التركية، ففي السادس عشر من آب/ أغسطس الماضي، فقد طفل حياته وأُصيب أربعة آخرون في قصفٍ تركي طال كوباني وريفها.

وفي الثامن من كانون الثاني/ يناير الفائت، وبسبب قصف تركي طال قرية قره موغ شرقي كوباني، بترت ساق الطفل عبدو)4 أعوام).

وبالعودة إلى مشفى كوباني، بدأت المخاوف تجتاح “أوسي” الذي لم يُسمح له بمرافقة طفلته في العملية، لكن ذلك لم يستمر طويلاً، حيث خرج أحد الأطباء ليطمأنه على حال طفلته.

“مجدار بخير واستطعنا أن نوقف النزيف”، هكذا قالوا له، لكن قلب الأب يحترق بالنار متلهفاً لرؤيتها، الكلام لا يُطفئ القلب، ما يطفئه رؤيتها وهي بخير.

حيث تقيم طفلته منذ أن أسعفها، يتحدث الأب أن أكثر من 50 رصاصة رشقها الجنود الأتراك من تلة “عتمانك” في الأراضي التركية على أطفال يلعبون بالقرب من منزله، ويتساءل: “ما هذا الحقد؟”.

وبحسب غسان رمو، ممرض في مشفى كوباني، فإن الحالة الصحية للطفلة مستقرة بعدما أجروا لها عملية جراحية، مشيراً إلى أنها ستلزم المشفى لعدة أيام ريثما تتحسن بشكل كامل.

وفي هذه الأثناء، يضيف “أوسي”، بغضب على ما سببوه لطفلته، “ماذا تريد تركيا منّا، ماذا فعلت هذه الطفلة لتركيا، تركيا تقصف المدنيين وتريد قتلهم وتهجيرهم”.

ويشير إلى أن الرصاص استهدف الأطفال بشكل مباشر، “من هرب منهم استطاع أن ينجو، بينما الحظ لم يحالف ابنتي”.

ويواجه نحو 2.8 مليون طفل سوري في عموم الجغرافية السورية خطر النزوح والتهجير وعدم الالتحاق بالمدارس، بسبب الأعمال الحربية، بحسب تقارير أممية.

ومنذ العشرين من الشهر الجاري، تشهد قرى في ريفي كوباني الشرقي والغربي، قصفاً تركياً متقطعاً، استهدف منازل المدنيين وبنى تحتية، وخلّف فيها أضراراً جسيمة.

وتسبب القصف التركي العنيف على كوباني، بإغلاق مدارس في القرى الحدودية وامتناع سكان عن إرسال أطفالهم للدوام، بعد الاستهداف التركي للمدارس والمرافق العامة.

ويتساءل “أوسي” بحنق بينما يجلس بالقرب من طفلته، “ماذا تريد تركيا؟ هل أطلقنا الرصاص باتجاههم حتى يستهدفون أطفالنا”.

إعداد: فتاح عيسى – تحرير: أحمد عثمان