70 بالمئة من سكان حلب لم يستلموا مازوت التدفئة
حلب- نورث برس
لم تستلم حسناء مخصصات عائلتها من مازوت التدفئة حتى الآن، ويفاقم الوضع أكثر تقنين حاد في الكهرباء النظامية.
ورغم أن الكمية المخصصة لن تكفيها لأكثر من أسبوع في أحسن الأحوال، لكن حسناء بكور (41 عاماً)، تجد أن “الرمد أحسن من العمى”، في إشارة منها لرضاها بالكمية القليلة، فهي أفضل من أن لا تستلم شيئاً.
وفي حلب، لا تزال آلاف العائلات تنتظر استلام مخصصاتها من مازوت التدفئة والمقدرة 50 ليتراً كأول دفعة. ومع إيقاف الحكومة عملية التوزيع، يخشى سكان أن يتم حرمانهم من مستحقاتهم كمان حصل خلال العامين الماضيين.
وتقول “بكور”، معلمة في مدرسة ابتدائية بحي الحمدانية في حلب، إن مدرستها أيضاً لم تستلم المازوت، “نعاني البرد في مكان العمل والمنزل”.
وتتخوف المعلمة وهي والدة لأربعة أطفال أصغرهم بعمر العام، من إصابتهم بأمراض وسط عدم قدرتها على شراء المازوت من السوق السوداء.
وفي حي الحمدانية، وبحسب سكان، لا تأتي الكهرباء سوى ساعة أو ساعتين في أفضل الأحوال خلال 24 ساعة.
توزيع متوقف
والأحد الماضي، قال مصدر مسؤول في شركة سادكوب بحلب، لنورث برس، إن توزيع مازوت التدفئة متوقف لحين وصول توريدات إضافية من هذه المادة.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم نشر عن اسمه، أن “هناك نقصاً كبيراً في مخزون المازوت المخصص لمدينة حلب خاصة بعد تخفيض كميات المحروقات المخصصة للمحافظة”.
والأسبوع الماضي، خفضت الحكومة السورية مخصصات المحروقات من مادتي المازوت والبنزين في محافظة حلب.
هذا التخفيض يأتي في ظل الحديث عن توقيف أكثر من 11شخصاً من كبار التجار والمسؤولين في حلب رهناً للتحقيق في قضايا فساد تخص المحروقات، منذ أسبوع، بحسب مصادر أمنية لنورث برس.
وبحسب هذه المصادر تم توجيه اتهامات بالسرقة والاتجار بالمواد النفطية من بنزين ومازوت وغاز منزلي تقدر بعشرات المليارات للموقوفين، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وبعد تخفيض التوريدات ارتفعت أسعار مادة البنزين في السوق السوداء لتصل إلى 11 ألف ليرة سورية لليتر الواحد ووصلت مادة المازوت إلى ثمانية آلاف ليرة، بحسب مصادر محلية في حلب.
وأشار المسؤول في شركة سادكوب بحلب، إلى أنه “خلال الأشهر الثلاثة الماضية تم توزيع المازوت المنزلي على30% من العائلات في مدينة حلب وأريافها”.
ولم يذكر المصدر، أي أسباب دفعت الحكومة إلى تخفيض كميات المازوت للتدفئة. بينما قالت مصادر خاصة لنورث برس، إن السبب عائد “لنقص القطع الأجنبي المخصص للمحروقات من خزينة الدولة مع إقرار الموازنة الجديدة”.
وبحسب المسؤول الحكومي في سادكوب، فإن إيقاف التوزيع “مؤقت” وسيتم استكماله في حال ضخت كميات جديدة من المازوت للمحافظة.
ولا تقتصر مشكلة شح المحروقات على حلب، وإنما تعاني منها باقي المحافظات والأولوية في هذه الفترة بحسب تعليمات وزارة النفط هي لآليات النقل العام والمنشآت الصناعية، “والكمية المتواجدة بين يدينا حالياً بالكاد لسد حاجة النقل والصناعة”، وفقاً لما ذكره المسؤول في شركة سادكوب بحلب.
تكاليف تفوق طاقة الجيوب
ومع بداية الشتاء، تبدأ رحلة السكان في البحث عن تأمين وسيلة تدفئة، وهذا السعي يعني تحمل تكاليف لا طاقة لبعضهم على تحملها، فعلى أقل تقدير يحتاج كل منزل لثلاث ليترات من المازوت يومياً، أي نحو 700 ألف ليرة شهرياً وهو يفوق قدرة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود.
وللعام الثاني على التوالي، لم يستلم عبد الرحمن حبال (36 عاماً)، سائق تكسي أجرة من حي المشهد في حلب مخصصاته من مازوت التدفئة.
يقول السائق إن 50ليتراً لا تكفي لأيام معدودة، ومع ذلك تعجز الحكومة عن توفير هذه الكمية القليلة.
وفي ظل هطول الأمطار وانخفاض في درجات الحرارة، يشتري “حبال” كل عدة أيام بضع ليترات من المازوت من السوق السوداء.
ويتساءل سكان عن كيفية توفر المشتقات النفطية بكميات كثيرة في السوق السوداء في ظل حديث الحكومة عن أن هناك نقصاً شديداً في المحروقات؟.
ويعبر عبد القادر حج طه (56 عاماً) من سكان حي الإذاعة في حلب، عن استيائه من قرار إيقاف التوزيع، ويقول بلهجته، “ما كان ينقصنا سوى إيقاف توزيع 50 ليتر المخصصة للتدفئة حتى تكتمل معاناتنا”.
ويضيف: “نقضي معظم وقتنا في البحث عن رغيف الخبز وجرة الغاز وليتر المازوت والبنزين، كل شي مفقود والحكومة لا توفر لنا سوى الكلام والتصريحات”، في إشارة منه إلى فشل الحكومة في إدارة البلاد.