حرب الماء وغارات السماء.. تركيا تفاقم معاناة السوريين وتحرمهم مقدراتهم

القامشلي – نورث برس

حرمت تركيا مئات الآلاف السكان من المياه، لتعود الآن وتعمل على تدمير مناطق حيوية تزود سكان شمال شرقي سوريا، بالغاز والنفط والكهرباء، معلنة بذلك أنها تشن حروباً مختلفة على المنطقة وبطرق متعددة.

شريان الحياة يُقطع

في أواخر 2019، سيطرت القوات التركية على مدينة سري كانيه (رأس العين)، مهجرة بذلك آلاف من سكانها الأصليين نحو مخيمات لجوء إسعافيه أُقيمت لهم فترة العملية التركية وبقوا فيها.

ومنذ ذلك الوقت، تقطع الفصائل المدعومة من تركيا المياه من محطة علوك بريف سري كانيه، عن أكثر من مليون شخص ونازح بالحسكة وريفها.

وفشلت جميع المساعي الروسية بالتوسط لحل مشكلة مياه علوك، دون نتيجة تذكر.

وفي الثالث من آب/ أغسطس 2020، وصل عدد مرات القطع لـ 13 مرة، بعد أن انخفض وارد المحطة من 100 ألف متر مكعب، إلى 40 ألف وثم إلى 20 ألف  وأخيراً 10 آلاف متر مكعب.

ورغم انطلاق دعوات ومساعي لمفاوضات مع تركيا من الجانبين الروسي والأميركي إلا أن ذلك لم يجدي نفعاً وما تزال المشكلة مستمرة حتى الآن.

ولأن عدد مرات القطع كان يتجاوز الأسابيع، حاول السكان اللجوء إلى طرق بديلة لتوفير المياه التي تعد شريان الحياة بالنسبة لهم، فحفروا الآبار، إلا أنها كانت سطحية وجفت بسرعة.

وفي محاولة من الإدارة الذاتية لحل المشكلة، خصصت صهاريج لبيع المياه، ولكن المشكلة أن هذه الصهاريج تنقل المياه من المناهل الغير مؤمنة وبالأخص مع انتشار الأوبئة التي تنتقل عن طريق المياه كالكوليرا.

واليوم يصل عدد مرات القطع لأكثر من 27 مرة، ومع البيانات وحملات الاستنكار، يرى مراقبون أن تركيا لن تنهي “حرب المياه”، بالأخص أنها قللت بنسب كبيرة المياه الداخلة عبر الفرات إلى سوريا والعراق، مما أثر على الزراعة في المنطقة.

وفي هذه الأوقات، أضحى مشهد حمل النساء لعبوات المياه على رؤوسهن في الحسكة وريفها وحمل الأطفال للكالونات وخاصة النازحون الذين يقطنون في المدارس وانتظار الصهاريج، اعتيادياً.

نور أطفأه الدمار

في ليلة العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، بدأت تركيا بشن غارات متفرقة على شمال شرقي سوريا، إلا أن المفاجئة هذه المرة أن الغارات استهدفت قاعدة للتحالف الدولي وأخرى للقوات الروسية، وحقول النفط والغاز أقصى شمال شرقي سوريا.

وفي اليوم التالي، استهدف الطيران التركي محطة الكهرباء في قرية تقل بقل بديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، لتدمرها بشكل شبه كامل وتحدث أضراراً كبيرة فيها، فضلاً عن فقدان 11 شخص لحياته بينهم صحفي، وإصابة ستة آخرين.

وبذلك انقطعت الكهرباء عن حوالي 65 قرية في ديرك، وما زاد الطين بلة استهداف محطة الغاز بالقرب من السويدية، مما تسبب بقطع الكهرباء بشكل كلي عن قرى وبلدات الجزيرة السورية، لأنها كانت تغذي بحوالي 50 بالمئة الخطوط، وفق الرئيس المشارك لمكتب النقل والطاقة في الجزيرة. 

وتسبب قصف طال مؤسسة المواصلات في قرية هرم شيخو على طريق القامشلي – عامودا، بسقوط أكبال الكهرباء على الأرض وتلفها، وما تزال بحاجة لإصلاح.

غاز طار مع الدخان

وفي الثالث والعشرين من الشهر الجاري، قصفت طائرة تركية محيط محطة نفطية قريبة من قرية العودا بريف ديرك، وبعدها بيومٍ واحدٍ فقط، عادت لتستهدف المحطة ذاتها، إلى جانب محيط حقل دجلة النفطي جنوبي الجوادية، والأهم من ذلك كان استهداف محيط محطة الغاز قرب السويدية بريف رميلان.

ولم تلبث أعمدة الدخان أن تتوقف عن الانبعاث، حتى ظهرت الأضرار الكبيرة التي طالت الأماكن المستهدفة، وأهمها معمل الغاز، الذي ضربت فيه أربع مواقع أساسية لعمله، وبعد أن كان ينتج 14 ألف جرة غاز لشمال شرق سورياً يومياً، سيحتاج لأشهر عدة لإعادة تشغيله.

وقال أحد السكان لنورث برس، إن “بقينا في سوريا، سنعود للطبخ على الحطب روث الحيوانات، كما كان يفعل أجدادنا، لأن الطائرات التركية قصفت منشآت الغاز والنفط”.

ويعيش سكان شمال شرقي سوريا اليوم بعد ما كانوا يشتكون من قلة الغاز، من خطر فقده لأشهر ولربما سنوات في حال لم تتوقف التهديدات التركية، لأن القائمين على المعمل بحاجة لقطعٍ من الخارج لإعادة تشغيله، يحسب إداري في المعمل.

إعداد وتحرير: رهف يوسف