باحث سياسي: العملية التركية قد تخلق توتراً مع روسيا

القامشلي – نورث برس

قال أسامة دنورة، باحث وخبير سياسي سوري، لنورث برس، إنّ العملية التركية البرية المُحتملة إن حدثت ستكون “محدودة جداً”،  والتعمق فيها من شأنه أن يوتر علاقات تركيا مع روسيا، مما سيحدث رد فعل للأخيرة يأخذ منحى آخر على الأراضي السورية، “لن يكون كما تشتهي أنقرة”.

ومنذ التاسع عشر من الشهر الجاري، بدأت تركيا بشن غارات على عدة مناطق في شمال شرق سوريا ( القامشلي وريفها الشرقي، شمال الحسكة، كوباني، ريف منبج، دير الزور، الحسكة، ريف حلب الشمالي، وغيرها).

ولم يجزم “دنورة” باستحالة وجود توغل تركي بري، فإغراء تحقيق نقاط في الهامش الانتخابي الداخلي التركي، “ربما يغري أردوغان للقيام بمثل هذه المغامرة”.

وتوقع الباحث السياسي أن العملية ستكون محدودة من حيث العمق والشدة، لإظهار جدية التهديدات التركية، وفي حال نفذ الأتراك عكس ذلك، فهم يواجهون احتمال أن ترتد الأمور عليهم بشكل سيء.

“في حال تحولت الهجمات لاستنزاف للقوات التركية، أو طال أمدها دون فائدة، ستتوتر علاقات الأخيرة مع باقي الدول التي أبدت عدم ارتياحها للعملية منذ البداية”.     

وشرح الخبير أنّ الاعتداءات الأخيرة تهدف لإيجاد رافعة انتخابية لأردوغان وحزبه في السياق الداخلي التركي، والذي لا يبدو على ثقة بفوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة.  

“إيجاد حالة طوارئ عسكرية، وطنية، أمنية، قومية، تشد العصب الداخلي لتركيا، ولطالما حقق أردوغان نقاطاً انتخابية بعد كل عملية عدوانية كان ينفذها على الأراضي السورية، وهنا يبدو السيناريو مكرراً”، كما ذكر الباحث.

وتذرعت تركيا بتفجير تقسيم التركية، الذي حدث في الثالث عشر من الشهر الجاري، موجهة أصابع الاتهام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” بالوقوف وراءه، الأمر الذي نفته الأخيرة، الأمر الذي اعتبره ناشطون “مفتعلاً من المخابرات التركية لتحويله لحجة اجتياح”.   

وبعد الانفجار بأيام، بدأت المحكمة التركية بإصدار أوامر تقضي باعتقال بعض المشتبه به في تنفيذ التفجير، والذين تجاوز عددهم الـ 50 شخصاً، وما تزال حملة الاعتقالات مستمرة، دون دلائل مثبتة على الأشخاص آنفي الذكر.

واعتبر الباحث السياسي، أن الاعتداءات التركية الأخيرة، هي استمرار لنهج تركي يمارس سياسية “الأرض المحروقة وجرائم الحرب” في إطار العمليات المُتتالية التي شنها ضد الأراضي السورية، فضلاً عن قطع المياه على ملايين السكان في بعض مناطق الشمال الشرقي السوري.

“يعود أردوغان لمقاربة تعتمد على (الهروب إلى الأمام)، بمعنى تجاهل ضرورة ايجاد معيار ثابت للأمن الجماعي لدى جميع دول المنطقة، ليكون بإمكانه الحديث عن الأمن الخاص بتركيا فقط”، حسب الباحث.

وأشار دنورة إلى أنّ تركيا تعيد استخدام أو تدوير أدواتها كـ “المجموعات الإرهابية” في الشمال السوري، من أجل هذه العملية التي يسميها “المخلب السيف”، فهذا يدل على أنه ما يزال يعتمد عليها للضغط في سياساته الخارجية.

وقال الباحث إن هذا أمر يثبت أنه لا رغبة حقيقة لتركيا لإنهاء تورطها وجيشها فيما وصفه بـ “الطين الذي دخلته مختارة”، عبر دعمها للمسحلين ودخول أراضٍ سورية.  

ووجد الباحث أن الرد السوري والروسي المشترك ضد الجماعات المدعومة من تركيا في الشمال الشرقي السوري وإدلب وبعض مناطق حلب، كان “مؤثراً وواسع النطاق”.

أما عن احتمالية أن يكون هناك اشتباك مع القوات التركية في الشمال السوري، ذكر الباحث “قد يخدم هذا الخيار أردوغان، فهو عبارة عن تصعيد يمكن أن يتدحرج باتجاه مواجهة شاملة مع القوات التركية، وذلك بحاجة لحسابات معمقة ومعرفة الظروف التكتيكية والاستراتيجيات العسكرية والسياسية في آن معاً لمثل هذه الخطوة”.

ورغم أن أكثر من 16 جندياً سورياً قضوا جراء القصف، وأصيب آخرون، إلا أنّ  الأخيرة ما تزال “تحتفظ بحق الرد”، إذ لم تبدِ أي تصريحات رسمية تستنكر الوضع الأخير.

واعتبر دنورة أن تصريحات روسيا السابقة بضرورة انتشار الجيش السوري على كامل الحدود ليتحمل مسؤولية ضمان جانب الحدود التركية “على ما يبدو أمر بعيد عما تريده أنقرة، وعن توظيفها الداخلي والخارجي”.

وتستمر الهجمات التركية على المنطقة في يومها الخامس، مخلفة أضراراً جمة في البنية التحتية، فضلاَ عن خسائر في الأرواح، ويوعز قياديون في “قسد” قدرة تركيا على القيام بمثل هذه الخطوة، إلى حصولها على “ضوء أخضر من القوى الضامنة في المنقطة”.

إعداد وتحرير: رهف يوسف