وجدت نفسها مسؤولة عنهم.. مسنة تهتم بـ 9 أيتام في مخيم بمنبج
منبج – نورث برس
داخل خيمتها الممزقة، والتي لا تقي من شمس الصيف الحارقة وبرودة الشتاء القارس وأمطاره، تعلّم فوزة 9 أيتام ترعاهم، كيف يواجهون صعوبات الحياة من فقد وحرمان وقلة في الطعام والشراب.
تعيش فوزة خلف الناصر (67عاماً)، مع تسعة أيتام في مخيم منبج الشرقي الجديد، في خيمة ترقع فيها منذ بدء الشتاء لتحميهم من الأمطار مع شبه انعدام للمساعدات التي تقدم لها من المنظمات.
وخلّفت الحرب السورية، التي اندلعت قبل أكثر من عقد عدداً كبيراً من الأيتام الذين فقدوا أحد أبويهم أو كليهما، ليعيشوا بين معاناة الضياع والحاجة، في ظل غياب جهات وترعاهم.
تقاذفت سنوات النزوح والصراع التي دارت في البلاد “فوزة” وعائلتها، من حريتان إلى خناصر ثم إلى مسكنة في ريف حلب، ليستقر بها الحال في مكانها الحالي.
يظهر الشقاء في تقاسيم محياها، فقد حفر الزمان أخاديداً في وجناتها، ويداها الخشنتين، وملابسها الرثة البالية توحي بسوء حالها المادي.
مع مرور الزمن وجدت المسنة نفسها مسؤولة عن هؤلاء الأطفال، اعتنت بدايةً بأطفال ابنها الوحيد الخمسة، الذي لم تعثر على أثر له في أعزاز، حين كان ينوي السفر والعمل في تركيا، فقد حياته في انفجار.
ولتكتمل فاجعتها، بعد أن فقد زوجها حياته بنوبة قلبية، كمداً على فقدانه ولده، ليترك الآخر لها ألماً من الفقد ومسؤولية أثقلت كاهلها، إذ ترك لها زوجها 4 بنات من زوجته الأخرى، إضافة لأطفال ابنها.
لكن الألم الأكبر كان للمسنة حين تركت زوجة ابنها وضرتها أولادهن، وتزوجن من آخرين، حينها لم يطاوعها قلبها للتخلي عن هؤلاء الأيتام، وقررت احتوائهم والاهتمام بهم.
باتت “الناصر”، تتخوف على مصير هؤلاء الأطفال التسعة، “لمن سيترك الأولاد من بعدي إذا أصابني شيء، ما عندهم غير الله وأنا”.
تعود “الناصر” بذاكرتها إلى سنوات خلت، حين نزحت من مسكنة، “نركض من الخوف في الحقول وداعش يطاردنا”.
تتابع حديثها وتتحسر تارة، وأخرى تقلب كفيها وتحبس دمعتها في أحداقها، ينم هذا الحال عن عجزها وثقل المسؤولية، وبين لحظات تتغير ملامح وجهها لأخرى عازمة وقوية، تقول “ما أتركهم”.
الآن، سجّلت “الناصر”، أربعة من الأيتام في المدارس ليتابعوا تعليمهم، وبلهجتها العامية، “بدي اطلع من خطيتهم”.
وتشتكي من قلة الدعم في المخيم، في البداية كانت المنظمات تدعمهم، وتحمل عن ظهرها قسماً كبيراً من المسؤولية، ولكن منذ عامين لم يتم تقديم أي دعم سوى سلة غذائية شهرية يمسح من قائمتها كل فترة سلعة.
ويعيش القاطنون في المخيمات في منبج أوضاعا معيشية سيئة، بسبب قلة الدعم الإنساني الذي يحصلون عليه من المنظمات، وشح المساعدات أو حتى انقطاعها بشكل نهائي أحيانا.
حاولت المسنة أن تعمل لتعيل الأيتام، رغم أنها لا تقوى على العمل لتقدمها في السن، ولكنها مجبرة، وسجلت اسمها لكي تعمل بتنظيف المخيم.
لكن طلبها قوبل بالرفض لتقدمها بالعمر من المنظمة التي كانت تُعنى بأعمال التنظيف، وكان يعتمد الكثير من السكان على العمل بالتنظيف لتأمين بعض حاجياتهم.
ولقلة حيلتها بتأمين طعام أيتامها، وصعوبة ظروفها المعيشية، تجمع “الناصر”، فضلات الخضار من “دكان” المخيم، لعدم قدرتها على شراء الخضروات الطازجة، “أطفال صغار وما يعرفون أنو ما في أكل”.
ومثل حال فوزة الناصر، الكثيرات من النازحات، من أرامل وغيرهن من النساء اللاتي يواجهن صعوبات معيشية صعبة وأوضاعاً إنسانية قاسية في مخيمات النزوح.