تهديدات تركية وتحذير أميركي .. الشمال السوري يعود للواجهة العسكرية

القامشلي – نورث برس

تعود التهديدات التركية بشن عمل عسكري على شمالي سوريا من جديد، بعد أن توقفت لحوالي شهرين، في حين تحذر أميركا من مغبة مثل هذه الخطوة، وتنبه رعاياها من الدخول للمناطق المستهدفة.

ومنذ مطلع العام الجاري، استمرت تركيا بالتهديد بعمل عسكري يستهدف كل من منبج وتل رفعت وكوباني، لأكثر من ثمانية أشهر، لتقول منذ أيام قلائل “عملياتنا في سوريا والعراق مستمرة ولن تتوقف”، على خلفية التفجير الأخير في تركيا.

تفاصيل رواية التفجير

في مساء الـ 13 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، دوى انفجار في شارع الاستقلال المكتظ بالمارة بمنطقة تقسيم التركية، أسفر عن فقدان 6 أتراك لحياتهم، وإصابة 81 آخرين.

وبعد ساعات من الانفجار، نشرت وسائل إعلامية تركية صوراً ومقاطع، تشرح خط سير سيدة، قالت إنها لمنفذة التفجير، “توجهت نحو شارع الاستقلال، ومرت من جانب مقهى بامبي، جلست على مقعد مقابل لمقهى مانجو، وتركت حقيبتها التي تحتوي  تي إن تي وغادرت”.

“أكملت متوجهة للميدان، وفي لحظة الانفجار جرت، واستقلت سيارة أجرة لتغادر الموقع، وتتجه إلى منطقة أسنلير، ومن ثم استقلت سيارة أخرى، نحو منزل في منطقة كوتشوك تشكمجي، ليلقى القبض عليها بعد 10 ساعات تقريباً، قبل أن تهرب إلى اليونان”، وفقاً للرواية التركية.

وفيما بعد، قالت تركيا إن المنفذة هي أحلام البشير، سورية الجنسية خرجت من مدينة كوباني، دخلت إلى تركيا بطريقة غير شرعية عبر عفرين، التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها، متهمة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بالوقوف وراء التفجير.

في حين، نفت الأخيرة التهم التركية الموجهة ضدها، إذ رد مصدر من قيادة “قسد” بالقول “اتهامات باطلة ولا صحة لها، مهمتنا محاربة الإرهاب وحماية المناطق السورية”.  

إلى ذلك، أكد مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، عبر تغريدة على تويتر، عن رفضه المزاعم التركية بارتباط “قسد” بهذه الحادثة، وقدم التعازي لذوي المفقودين.

وتجاوز عدد من اعتقلتهم تركيا 50 شخصاً بتهمة الارتباط بالحادثة، وما تزال الاعتقالات مستمرة.

هوية منفذة التفجير

وفي الوقت نفسه، تفاوتت الآراء حول هوية المتهمة بتفجير شارع تقسيم، من حيث أن شكل وملامح المنفذة لا يوحي بأنها سورية الجنسية، ونسبها مراقبون لدول عدة منها الصومال، في حين قال آخرون إن الاستخبارات التركية نفذت العملية عن قصد.

كما وشككت صحيفة “هادية ليفنت”، بأن تكون أحلام البشير، سورية الجنسية، مشيرة إلى أنها من شمال أفريقيا.

وذكرت الصحيفة وجود بعض التناقضات بشأن تاريخ قدوم المتهمة إلى تركيا عبر عفرين، وفيما إذا كانت عبرت الحدود أم لا، موضحة أن بإمكان أي شخص عبور المنطقة، إذ قبض على زعيم تنظيم إجرامي إيطالي في إدلب، تبين أنه عبر من تركيا. 

مخاوف وتحذيرات أميركية

وأمس الجمعة، حذرت القنصلية الأميركية في أربيل، رعاياها من السفر إلى شمال شرقي سوريا وشمالي العراق، مشيرة إلى أنها “تراقب تقارير موثوقة، عن عمل عسكري تركي محتمل، في سوريا والعراق”.

وبناء على ذلك، دعت نادين ماينزا، رئيسة اللجنة الأمريكية للحريات الدينية سابقاً، الولايات المتحدة الأمريكية لاستعمال جميع الوسائل المتاحة، لوقف خطة تركيا بـ “عمل عسكري” في شمالي سوريا والعراق، وصفته بـ “جريمة الحرب”.

ورغم أن تركيا تقبلت تعازي من عدة دول بالعالم، إلا أنها رفضت التعزية الأمريكية بشكل صريح، مُتذرعة بضلوع أميركا في التفجير الأخير “بشكل غير مباشر، عبر دعمها لمنفذيه”.

ويرى سياسيون أن تركيا تريد جعل التفجير حجة، لتنفذ العمل العسكري، الذي لم تتمكن في السابق من إطلاقه جراء رفضٍ دولي له.

وفي وقت سابق، حذرت واشنطن أنقرة عبر وزير الخارجية أنطوني بلينكن، من أي تدخل في سوريا، عبر قوله  إن “أي تصعيد في سوريا هو أمر نعارضه”. 

وفي مناسبات عدة، ذكرت أميركا أن أي عمل عسكري تركي من شأنه إعادة إحياء تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في سوريا، الأمر الذي لن يعود بنتائج إيجابية على البلاد، ولا سيما أن المنطقة ما تزال تغص بمخيمات وسجون تحتوي آلاف المقاتلين المحتفظين بولائهم للتنظيم وعوائلهم.

ويعيش سكان شمال شرقي سوريا وشمالي العراق على نار التهديدات التركية، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.

إعداد: رهف يوسف – تحرير: عكيد مشمش