تغيرات طارئة على هيكلة الجيش الوطني الموالي لتركيا.. ما الهدف؟

ريف حلب الشمالي ـ نورث برس

شهدت منطقة ريف حلب الشمالي خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت، صراعات على السيطرة بين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً، والفيلق الثالث، وذلك إثر دخول تحرير الشام إلى مدينة عفرين وتقدمها باتجاه مدينة أعزاز شمال حلب.

ودارت معارك واشتباكات بين الطرفين على عدة محاور في المنطقة أبرزها قرية كفر جنة، بريف عفرين، التي وصلت إليها تحرير الشام بعد تعاون وتنسيق مع فصيلي الحمزة والسلطان سليمان شاه المواليين لتركيا.

وتأتي الاشتباكات بين الطرفين إثر تدخل تحرير الشام في المنطقة مساندة لفصيل الحمزة المتهم باغتيال ناشط إعلامي في مدينة الباب وزوجته في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الفائت، بحسب مصدر خاص لنورث برس.

وكانت قد انتهت الاشتباكات بين الطرفين إثر تدخل تركي، وعودة تحرير الشام إلى مناطق سيطرتها بريف إدلب مع إبقاء بعض الأمنيين التابعين لها ضمن مدينة عفرين تحت غطاء من حركة ثائرون للتحرير والشرطة العسكرية في المدينة، وفقاً للمصدر.

تلا تلك الاشتباكات اجتماعات في بداية تشرين الثاني /نوفمبر الجاري، بين الجانب التركي وقيادات في الجيش الوطني، وبحسب تسريبات عن الاجتماع، فإن الجانب التركي كان بادٍ عليه الغضب وعدم السماح لقيادات الفصائل بالحديث الذي استمر قرابة 45 دقيقة في تركيا.

وجاء عقب الاجتماع قرارات جديدة لتركيا بإعادة هيكلة الفيالق الثلاثة ضمن الجيش الوطني وتعيين فهيم عيسى قائد فصيل السلطان مراد ومسؤول في حركة ثائرون للتحرير، قائداً للفيلق الثاني خلفاً للعميد أحمد عثمان، بالإضافة لإعادة انضمام فصيلي العمشات والحمزة لتشكيل الفيلق الثاني خلال الأسبوع الفائت.

وبحسب ياسين الأطرش (25 عاماً) وهو اسم مستعار لطالب علوم سياسية في جامعة حلب بمدينة أعزاز، فإن تركيا تعمل على إعادة تنظيم الجيش الوطني الموالي لها، مع تأكيدها على نزع فتيل الخلاف فيما بين الفصائل المنضوية تحت رايته.

فتيل الخلاف

وكان فتيل الخلاف يضعضع عمل الجيش بشكل كامل، كتكتل كبير موال لتركيا الذي في حال بقي على حالته في التفكك واللامركزية سيؤثر على أمن المنطقة وبالتالي سيكون حجر عثرة لتركيا أمام المجتمع الدولي الذي تحاول إبراز المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الوطني التابع لها على أنها “منطقة آمنة” تحت رعايتها، بحسب “الأطرش”.

ومنتصف تموز/ يوليو عام 2021، أفضت مبادرات ونقاشات إلى تشكيل “غرفة القيادة الموحدة – عزم” في الجيش الوطني بمشاركة عدد من الفصائل أكبرها الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد.

وشهدت الغرفة انضمام فصائل وانسحاب أُخرى، كما تعرّضت للعديد من الهزات عقب إعلانها حملةً ضد مَن وصفتهم بـ”الشبكات والخلايا التي تهدد أمن المجتمع واستقراره”، وكان ملف “أبو عمشة” من أبرز ملفات الفساد التي لاحقتها “عزم”.

وبعد استنفار من غرفة “عزم” ضد فرقة أبو عمشة منتصف شباط/ فبراير الفائت، تدخل فهيم عيسى الذي كان يشغل حينئذ نائب قائد الغرفة، ثم استبعاد “أبو عمشة” وانتهت القضية باتفاق أعاد الأخير.

والعلاقة المتينة بين عيسى وأبو عمشة قديمة، وهما من أكثر فصائل الجيش الوطني اعتماداً من الأتراك.

خطوات تركية

وقال مصدر عسكري في ثائرون للتحرير، لنورث برس، رفض التصريح عن اسمه لدواع أمنية، إن المنطقة تشهد تطورات ملحوظة في القطاعين العسكري والأمني، فقد قامت تركيا كما يبدو “بخطوات رامية لإنهاء الفصائلية وبناء مؤسسة عسكرية محترمة، كمحاسبة بعض الفصائل التي شاركت بالاقتتال الفصائلي الأخير وعدم الاكتفاء فقط بمعاقبة وحصر الفيلق الثالث والصاق جميع التهم به”.

وأضاف المصدر أن ذلك يتزامن مع منع شخصيات عسكرية بارزة من دخول الأراضي التركية بصفتهم أشخاصاً غير مرغوب بهم، ومن الخطوات أيضاً إلغاء مسمى الغرف، وحل الهيئات العسكرية وإعادة تفعيل نظام الفيالق الثلاثة.

وأشار المصدر أن القطاع الأمني يشهد زيادة أعداد عناصر فروع الشرطة العسكرية في مناطق “نبع السلام” و”درع الفرات” و”غصن الزيتون” مع انضمام فرقتي “السلطان سليمان شاه” و”الحمزة” للفيلق الثاني في الجيش الوطني بقيادة قائد “فرقة السلطان مراد” فهيم عيسى.

وأكد المصدر أنه كما يبدو للعيان بأن هذه الخطوات تندرج تحت مسمى “تصحيح المسار وإعادة الهيكلية” إلا أن الحقيقة تبدو غير ذلك ولا تتعدى كونها “عوامل إضافية تزيد تعقيدات المشهد في المنطقة وتنبئ بنزاعات واقتتالات فصائلية جديدة”.

إعداد: فاروق حمو ـ تحرير: قيس العبدالله