الصحفيون الحلقة الأضعف في درعا والانتهاكات بحقهم مستمرة

درعا ـ نورث برس

رغم أنه كان يحمل بطاقة تسوية منذ العام 2018، إلا أنها لم تحمه من الاعتقال في حزيران/ يونيو الماضي، على أحد الحواجز الحكومية في درعا، يقول الناشط الإعلامي حسن مرعي من محافظة درعا جنوبي سوريا.

وتعرض “مرعي” للضرب والإهانة خلال التحقيق معه، والذي استمر لخمسة أيام، قبل أن يتم تحويله إلى إدارة الفرع في العاصمة دمشق.

والتهم التي وجهت إليه هي “التعامل مع مؤسسات إعلامية غير مرخصة ومدعومة من الخارج، ونشر تقارير تسيء للدولة السورية”، بحسب ما قال لنورث برس.

وذكر أن ذويه توصلوا إلى أحد ضباط القوات الحكومية ودفعوا له مبلغاً مالياً كبيراً تجاوز الخمسين مليون ليرة سورية (ما يقارب حينها عشرة آلاف دولار أميركي)، حتى أفرج عنه.

وباتت سوريا من أخطر المناطق في العالم للعمل الصحفي بسبب تعرض الناشطين الإعلاميين والصحفيين للانتهاكات من عدة جهات، وعلى الرغم من خطورة الوضع الأمني إلا أن عدداً من الناشطين لا يزالون يمارسون عملهم الصحفي.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تصدرت سوريا القائمة بأعداد القتلى من الصحفيين، فقد قتل 700 صحافي سوري وعامل في المجال الإعلامي من أصل 860 صحافياً قتلوا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العقد الماضي.

جهات متعددة

يعد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقوات الحكومية، أبرز الجهات التي تلاحق الناشطين الإعلاميين والصحفيين.

مروان الصفدي اسم مستعار لناشط إعلامي، قال لنورث برس، إن الناشطين اليوم يخافون على حياتهم وحياة أقربائهم “لذلك يحاولون العمل في المجال الصحفي بأسماء مستعارة وبدون أن يعلم أحد بعملهم الصحفي”.

وأضاف أن آخر ضحايا الانتهاكات بحق الصحفيين هو مقتل الصحفي عاطف شبلي الساعدي، مراسل قناة الجسر الفضائية سابقاً ومراسل عدة وكالات إعلامية بعد سيطرة القوات الحكومية.

وأشار إلى أن “الساعدي” تعرض لعدة محاولات اغتيال، الأولى على يد القوات الحكومية أثناء تغطية الاشتباكات بين المسلحين المحليين وعناصر القوات الحكومية على أطراف مدينة طفس.

ونوه أن “الساعدي” تعرض لمحاولة اغتيال  أمام منزله في بلدة المزيريب بريف درعا الغربي من قبل مسلحين مجهولين قبل مقتله بأربعة أيام، واتهم أيضاً أشخاص ينتمون لتنظيم “داعش” بالوقوف وراء العملية.

أما العملية التي وضعت حدًا لحياة الصحفي كانت في الخامس من هذا الشهر، عندما تعرض لرصاص قناص تابع لتنظيم “داعش” أثناء تغطية الاشتباكات بين مسلحين محليين وعناصر التنظيم في حي طريق السد بدرعا البلد.

وقال “الصفدي” أن الانتهاكات لم تقتصر على الصحفي بذاته بل امتدت لذويه، حيث قتل شقيقه في آذار/ مارس من العام الماضي، على يد مسلحين مجهولين واتهم “الساعدي” حينها عناصر “داعش” بمقتل أخيه.

وأكد “الصفدي”، أن الناشطين الإعلاميين والصحفيين “مهددين ويقع عليهم الخوف أكثر ممن يحمل السلاح حيث أن من يعتقل من الصحفيين يخرج جثة هامدة كما حصل مع أحمد عودة المعبر الذي قتل تحت التعذيب في سجن صيدنايا العسكري التابع للحكومة السورية المعروف بسمعته السيئة بعد اعتقال لأكثر من أربع سنوات”.

تقصير المنظمات الدولية

صخر إدريس السكرتير العام لرابطة الصحفيين السوريين، قال لنورث برس، إن الناشطين والصحفيين العاملين في القطاع الإعلامي “دائماً في خطر لأن جميع أطراف الصراع تهاجمهم”.

وأضاف أن الوضع في درعا “يزايد خطورة” وكان آخر الضحايا الصحفي “الساعدي”، وهو “أكبر دليل على خطورة الوضع هناك”.

وأشار إلى أن “النظام السوري يستعين بالإرهابيين مثل داعش لقتل الصحفيين”.

ونوه إلى أن هناك “تقصير كبير” من قبل المنظمات الدولية المعنية بالصحفيين بسبب “الضغط الكبير على هذه المنظمات لتعدد مناطق النزاعات مثل سوريا واليمن وأفغانستان وأوكرانيا”.

ويتمنى “إدريس” من المنظمات الدولية أن تأخذ دورها  في الضغط على السلطات وسلطات الأمر الواقع وعلى من يدعمها لحماية الصحفيين وعدم إيذائهم والتعرض لهم.

قتل وتهديدات

خلال العقد الماضي سُلطت الأضواء الإعلامية على محافظة درعا، وكثر النشاط الصحفي فيها سعياً وراء نقل معاناة وتوثيق تاريخ مرحلة مفصلة تشهدها البلاد.

ففي حديث لنورث برس، مع محمد الشرع عضو مكتب توثيق الشهداء في درعا، قال إنه “تم توثيق مقتل مئة وستين ناشطاً إعلامياً في محافظة درعا بعد اندلاع الثورة ربيع العام 2011”.

وأضاف أن “بينهم مئة وتسعو وثلاثون ناشطاً إعلامياً قتلوا على يد قوات النظام بينما سجل مقتل واحد وعشرين آخرين خلال معارك داخلية بين الفصائل”.

وأشار إلى “مقتل تسعة ناشطين إعلاميين بعد التسوية التي فرضها النظام السوري صيف العام 2018”.

إبراهيم حسين مدير مركز الحريات في رابطة الصحفيين السوريين قال لنورث برس ، “يتصدر النظام السوري قائمة مرتكبي جرائم قتل الصحفيين بمسؤوليته عن مقتل 316 من أصل 464 إعلامياً منذ اندلاع الثورة ربيع العام 2011 وحتى الآن، منهم 34 إعلامياً قتلوا تحت التعذيب في معتقلاته ومراكز التوقيف التابعة لأجهزته الأمنية”.

إعداد: إحسان محمد ـ تحرير: قيس العبدالله