جيفري يتحدث لنورث برس عن “مثلث” العلاقة التي تديرها واشنطن مع تركيا و”قسد”

دمشق – نورث برس

قال المبعوث الأميركي السابق في سوريا جيمس جيفري، إن أية عملية انسحاب أميركية من سوريا تقوض القتال ضد”داعش” وبما في ذلك ستؤثر عكساً على نفوذ روسيا وإيران، فيما سلط الضوء على ما وصفه “مثلث” العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا و قسد وصعوبة إدارة ذلك من الجانب الأميركي.

جاء ذلك في حوار خاص لبرنامج “واشنطن أون لاين” الذي تبثه شبكة نورث برس من واشنطن، يوم أمس السبت، تحدث فيه جيفري عن حزمة من الملفات التي بزرت في الأزمة في سوريا بما فيها التداخل في القضايا والعلاقات مع كل من روسيا وإيران وتركيا.

وفي مستهل حديثه عن التواجد الأميركي بسوريا، قال جيفري إنها موجودة بشكل رسمي وقانوني من أجل الاستمرار في قتال الدولة الاسلامیة”داعش”.

وباعتبار القتال “مستمر ولم ينته”، شدد جيفري على أن الانسحاب الأميركي، سوف يقوِّض القتال دون أي شك، معتمداً على رؤية  القادة العسكریین والحلفاء على الأرض المتمثلين بقوات سوریا الدیمقراطیة.

ويقول إن التواجد الجوي لإسرائیل ضد حزب الله وإیران وبالإضافة إلى التواجد التركي، كل ھذا یؤدي إلى “منع الأسد روسیا وإیران من تحقیق انتصار استراتیجی في قلب الشرق الأوسط”.

وأشار إلى أن ھذا الأمر مھم جداً عندما كان هو نفسه مسؤولاً عن الملف، أما اليوم فالقضية أهم مما كانت علیه سابقاً، نظراً إلى التحالف الموجود بین روسيا وبین ایران في اوكرانیا وفي سوریا، مؤكداً على “أهمية إیقاف ھذا التحالف”.

خطة ولكن

وقال جيفري الذي عمل سفيراً في عدة دول شرق أوسطية، إن المنطق الذي تقف أو یجب أن تقف علیه الإدارة الأميركية الحالیة حول ما بدأ منذ ٢٠١٨ و ٢٠١٩ في سوريا، بشكل مبسط، هو “العزم على تجميد الصراع، ووقف اطلاق نار دون أن یكون هناك أي طرف منتصر على الأخر، وهذا لم یكن الهدف الأول، بل الثانوي الذي فشل.”

أما الهدف الأول بحسب جيفري كان يتمثل بحل “خطوة مقابل خطوة” ضمن خطوط القرار ٢٢٥٤، والذي سوف “ينهي الحرب الأھلیة بین الأسد وغالبية أبناء الشعب، ویعید اللاجئین، ویسمح لمشاریع إعادة الإعمار بالتدفق، وانسحاب كل القوات الاجنبیة التي جاءت بعد ٢٠١١.”

وكشف جيفري أن الرئیس الروسي فلاديمير بوتین قد رفض ھذه الخطة، في سوشي شھر أیار/مايو عام ٢٠١٩ ، مما دفع إدارة ترامب إلى تجمید الصراع “لضمان أن الطرف الآخر لن یحقق انتصاراً”، وبذلك “لم يتم منع الطرف الآخر من تحقیق النصر فحسب، بل أیضاً أبقى الباب مفتوحاً من أجل العودة إلى الخطة الأولیة.”

 تلك الخطة التي تحدث عنها جيفري، لا تخالف رؤية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكذلك معظم الدول العربیة، فضلاً عن الشعب السوري، معتبراً ذلك بمثابة الطریق الأفضل لحل كل المشاكل بما فیھا ھزیمة “داعش”.

وأشار إلى أن الحرب في أوكرانیا جرفت كل إمكانیات التلاقي بین أمریكا وروسیا، لكن ما أن وُجد حل دیبلوماسي وبتنازلات تضمن السیادة الأوكرانیة، حينها يعتقد جيفري أنه على الولايات الأميركية أن تنخرط مع روسیا من جهة وبشكل غیر مباشر مع “النظام السوري” عن طریق روسیا من أجل إيجاد حل للصراع.

وقال إن “الأسد لم یربح الحرب فھو الیوم یجلس على الأنقاض وعلى الخراب”.

وعن محور آخر في اللقاء بخصوص العلاقة مع قوات سوريا الديمقرطية و يقابلها رفض تركي لهذه العلاقة، قال جيفري: “ربما ليست اعتداءات مباشرة على تركیا، لكن ھناك بعض الأنشطة لحزب العمال الكردستاني تجري من داخل شمالي سوریا، معتبراً ذلك مشكلة معقدة، رغم أن الولايات الأميركية تفهمت هذا منذ أن شرعت بالعمل عام ٢٠١٤ مع وحدات حمایة الشعب”.

ووصف جيفري هذه المسألة بالمعقدة والحساسة، مبيناً أن العمل الدیبلوماسي يجري اليوم كأنما یشبه المثلث بثلاث زواية  تركیا، قسد وأميركا.

يعتقد الدبلوماسي الأميركي إن تركیا ستبقى تتصرف بھذا الشكل فیما یخص حدودھا وحزب العمال في العراق وفي سوریا. بينما ستبقى قوات سوریا الدیمقراطیة حلیفة لواشنطن، يقابله العمل بين أمریكا وتركیا حول القضايا  المشتركة.

وبخصوص الدعم المسلح لقسد وموقف تركيا من ذلك، قال جيفري: “لا أرید أن أغوص كثيراً في التفاصیل. ھذا الموضوع حساس، ویبقى حساساً بشكلٍ عام.”

وأوضح أن واشنطن تعهدت لأنقرة بأن السلاح الذي تعطيه  لقوات سوریا الدیمقراطیة “لن یتم استخدامه ضد تركیا في الأراضي التركیة، ولن یكون ھناك أي اعتداء من داخل مناطق قوات سوریا الدیمقراطیة على تركیا، وھذا حصل بالفعل.”

مستقبل سياسي

لكن بالنهاية يرى جيفري أن تركيا لن تستھدف القوات الأميركیة، ولن تقوض أي عملیات مشتركة تقوم بھا أميركا مع قوات سوریا الدیمقراطیة، ضد “داعش” باعتبار إن قتال “داعش” یعود بالمصلحة على الجمیع “بمن فیھم تركیا”.

ورداً على سؤال يخص المستقبل السياسي في سوريا، قال جيفري إن مستقبل سوريا بنظر الموقف الأميركي الصريح والمعلن أمام الجميع بما فيه تركیا، وروسیا، وقوات سوریا الدیمقراطیة وأيضاً بشكل غیر مباشر “للأسد”، ھو شيء یناقشه السوریین أنفسھم ضمن إطار قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ في عام ٢٠١٥.

وأضاف أن واشنطن لا تمتلك أي أجندة سیاسیة داخل سوریا خارج ھذا القرار بمن فیه الشمال الشرقي، وھذا الموقف تجاه سوریا اتخذته إدارة ترامب، “وأعتقد أن ھذا ھو الموقف الحقیقي لإدارة بایدن”.

الملف النووي الإيراني

وحول ملف العودة إلى الاتفاق النووي، أعرب جيفري عن اعتقاده أن إدارة بایدن بدأت في عام ٢٠٢١ تفكر بشكل قریب من إدارة أوباما.

لكن الحقائق على الأرض كانت بمثابة “صفعة” على رأس إدارة بايدن، التي أدركت أنھا لن تتمكن من تحقیق الصفقة، وأن إیران لیست قوة تزعزع الاستقرار في العالم وحسب، بل ھي حلیف استراتیجي لروسیا في أوكرانیا، وفقاً للدبلوماسي الأميركي.

وأكد جفري “استحالة” العودة لسیاسة أوباما الخارجیة فیما یتعلق بإیران، ویعني ذلك أن ھذه الإدارة علیھا مواجهة ایران في سوریا بشكل أقوى، والرد على التحرشات الإیرانیة على القوات الأميركية في سوریا وفي الیمن وفي العراق، وحتى في لبنان، رغم أن الإدارة الأميركیة أبلت بلاءاً حسناً في رعایة اتفاقیة الغاز.

وبهذا الخصوص يرى جفري أن الادارة الحالية لم تأخذ ھذا القرار بعد، رغم  إنه منطقي، عازياً ذلك إلى وجود بقایا من موظفین سابقین في إداراة أوباما التي لا تجعل من إیران عدوا لھا، بالإضافة إلى وجود تردد عند إدارة بایدن كي لا تظھر أنھا تفعل ما كانت تقوم به إدارة ترامب.

وقال جيفري إنه ما لم تتوقف سیاسة الركض وراء الاتفاقیة مع إیران، لا یمكن لأميركا أن تكسب دول المنطقة مثل الدول العربیة، تركیا، وإسرائیل.

وشجع جيفري إدارة بايدن على توجيه ضربات أكثر قوة ضد إيران، مستشهداً بالضربة “المؤثرة” التي قتلت قائد فيلق القدس الإيراني في بغداد قاسم سلیماني في عهد ترامب.

إعداد وتحرير: هوزان زبير