الشتاء يطرق الأبواب وعائلات في درعا عاجزة عن تأمين مستلزماته

درعا- نورث برس

اشترت عائلة هالة الرفاعي (38 عاماً)، اسم مستعار لسيدة من ريف درعا الشرقي، مخلفات المواشي لاستخدامها في التدفئة خلال الشتاء، حيث تعد بديلاً لا بأس به عن المازوت مرتفع الثمن في السوق السوداء.

وبـ 500 ألف ليرة سورية اشترت العائلة طناً من مخلفات المواشي، في ظل عدم استلامها مخصصاتها من المازوت المدعوم من قبل الحكومة.

ومع تقنين الكهرباء وتأخر الحكومة وعجزها عن توزيع كميات كافية من المازوت بالسعر المدعوم، فإن سكان درعا كما باقي مناطق الحكومة على موعد مع معاناة جديدة مع حلول الشتاء، في ظل غلاء المحروقات والحطب في السوق السوداء.

هذا الحال، دفع السكان للبحث عن بدائل للمازوت المدعوم الذي إن وزع، “كمياته قليلة ولا تكفي لأكثر من عشرة أيام”.

البعض اشترى الحطب الذي يختلف سعره بحسب النوع، حيث يصل سعر الطن الواحد من حطب أشجار الزيتون لأكثر من مليون ومئتي ألف ليرة سورية، في حين يباع الطن من أشجار اللوزيات بمليون ومائة ألف ليرة.

وتلجأ عائلات، لعجزها عن شراء الحطب والمازوت من السوق السوداء، لاستخدام المواد البلاستيكية وبقايا الأحذية وأغصان الأشجار الناعمة والصغيرة.

في حين اشترى آخرون روث الحيوانات ولكن هذا الخيار وإن كان “رخيصاً” مقارنة مع باقي البدائل، إلا أنه قد يضر بالصحة ويفاقم الحالة الصحية للأفراد الذين يعانون من أمراض تنفسية.

“السكان عاجزون”

وفي الرابع عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة النفط السورية، بدء التسجيل على مازوت التدفئة لعام 2022-2023، بكمية 50 ليتراً كدفعة أولى، بالسعر الحرّ من المحطات المخصّصة، عن طريق البطاقة الذكية، اعتباراً من مطلع الشهر الماضي.

وأوضحت الوزارة لوكالة “سانا” التابعة للحكومة، أن أولوية التنفيذ ستكون لأقدم عملية شراء سابقة.

ولكن مروان الجباوي (45 عاماً)، من سكان ريف درعا الشمالي لا يبدو متفائلاً من استلام مخصصاته من المازوت قريباً وخاصة أن مستحقاته من الدفعة الثانية للعام الماضي لم تصله إلى الآن.

ولم يحسم الرجل الأربعيني خياره بعد لتأمين التدفئة لأفراد عائلته، فسعر ليتر المازوت الحر يباع بأكثر من سبعة آلاف ليرة وهو يفوق طاقة جيبه، كما أسعار البدائل الأخرى.  

وكانت الحكومة قد قررت العام الماضي، توزيع مئتي ليتر من المازوت، توزع على أربع دفعات بمقدار خمسين ليتراً لكل دفعة لكن التوزيع اقتصر على الدفعة الأولى وجزء من الدفعة الثانية فقط في درعا.

معاناة أم أحمد (37 عاماً) من سكان مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، لا تختلف كثيراً عن باقي الأسر السورية ذات الدخل المحدود، فهي منذ ثلاثة أشهر تدخر مالاً لشراء مدفئة جديدة، إذ أن التي تمتلكها باتت غير صالحة للاستعمال.

وتصل أسعار مدافئ المازوت لنحو 150 ألف ليرة، في حين تتراوح أسعار مدافئ الحطب بين 60 و250 ألف ليرة.

وتقول أم أحمد التي تعمل أسرتها في الزراعة، إن السكان وصلوا لمرحلة العجز عن تأمين الحاجات اليومية وأصبح شراء أثاثٍ للمنزل من أكبر الهموم في ظل الارتفاع الكبير للأسعار.

مشقة شراء الألبسة للشتاء

وإلى جانب عجزه عن تأمين المازوت، لا تسعف الحالة المادية للموظف الحكومي خلدون الزعبي، لشراء ألبسة ومعاطف شتوية لأطفاله الخمسة.

وبلهجته المحلية يقول بحسرة، “ما جبلتهم السنة الماضية توقعت أنو يتحسن الوضع بس من سيء لأسوء”.

ويحتاج الموظف الحكومي لنحو مليون ليرة لشراء معاطف جديدة لأطفاله، “لكن راتبي خلال عام أكمله لا يكفي لشراء ملابس للشتاء”.

ويضيف: “قدوم فصل الشتاء أصبح يحمل معه المعاناة والأوجاع”.

ويجد “الزعبي” أن أسعار الألبسة الشتوية ذات الجودة الجيدة مرتفعة جداً مقارنة مع رواتب الموظفين، حيث تتراوح أسعار المعاطف بين 150 و250 ألف ليرة.

وكان رئيس القطاع النسيجي مهند دعدوش، قال في وقت سابق لإذاعة محلية، إن أسعار الملابس الشتوية تشهد ارتفاعاً في الأسواق مقارنة بالسنة الماضية بنسبة تقدر بـ 30–40%.

وأمام ضيق الحالة المادية، ينوي “الزعبي” الشراء من البالة، إذا يتراوح سعر المعطف الشتوي فيها ما بين 50 إلى 80 ألف ليرة سورية.

إعداد: إحسان محمد –  تحرير: سوزدار محمد