شتاء قاس ينتظر النازحين في مخيم بريف الحسكة وسط تجاهل للمنظمات
الحسكة – نورث برس
وسط خيام متلاصقة نصبت الكثير منها عشوائياً، يرقِّع عبدالحميد الناصر (50 عاماً) الفجوات والثغرات في خيمته بقطع صغيرة من النايلون بعدما تسربت المياه إليها عقب هطول أولى الزخات المطرية مؤخراً.
وسيقضي الخمسيني وهو معلم، شتاءه الأول في مخيم “واشو كاني” غربي مدينة الحسكة، بعدما حط رحاله قبل شهرين قادماً من أحد مراكز الإيواء في مدينة الحسكة.
ويقول، بعد الانتهاء من صيانة عدة ثغرات بخيمته، لنورث برس: “الخيمة كانت مهترئة ومن دون باب ومدفأة، يوم أمس جاءتنا أمطار خفيفة وتسربت المياه للداخل وحالياً أقوم بترقيعها”.
ويضيف: “الخيمة من دون كهرباء وأحتاج لكبل بطول 200 متر لتمديده وتكلفة إيصالها تفوق قدرتي المادية”.
وبمرور ثلاث سنوات على إنشاء المخيم الذي شيد في البداية على عجل لاستقبال النازحين من منطقة سري كانيه (رأس العين) الحدودية عقب الاجتياح التركي برفقة فصائل معارضة موالية لها عام 2019، لا يزال قاطنوه يعانون من صعوبات معيشية وعوامل الاستقرار.
ويبدو شتاء العام الحالي كما سابقه، ضيفاً ثقيلاً على آلاف النازحين، حيث كشفت أولى الهطولات المطرية هشاشة البنية التحتية للمخيم التي حولت أزقتها إلى برك من الأوحال.
وينظر “الناصر” إلى خيمته التي تأوي ثمانية أشخاص من أفراد أسرته، بيأس، قبل أن يواصل سد الفجوات بخيمته بعدما عجز عن الحلول في الحصول على مأوى أفضل.
لينهي حديثه قائلاً: “بيعين الله”.
ويقطن في مخيم واشوكاني، 16 ألفاً و396 شخصاً، موزعين على 1989 خيمة، وفق إحصائية حديثة حصلت عليها نورث برس من إدارة المخيم التي تديره الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
وعلى وقع هذه المعاناة التي يعيشها النازحون، تتقاعس المنظمات الدولية العاملة في المخيم في تقديم الخدمات ومد يد العون لهم، وفق مسؤولين في المخيم.
ورغم التعداد السكاني الكبير ضمن المخيم، لا تعترف منظمات الأمم المتحدة بوجوده باعتباره مخيماً “غير شرعي”.
ويقول برزان عبدالله، الرئيس المشارك لإدارة المخيم، إن 1900 خيمة بحاجة إلى تبديل بسبب اهتراءها جراء العوامل الجوية.
ويعاني النازحون ظروفاً سيئة مع حلول الشتاء، لعدم توفر المستلزمات المعيشية بشكل كافٍ، فيما تتقاعس المنظمات العاملة في المخيم عن واجباتها “بذريعة” عدم قدرتها على تغطية كافة المخيم وعدم وجود مانحين، بحسب “عبد الله”.
ويشير الإداري في المخيم إلى أنهم استقبلوا الكثير من الشكاوي للنازحين بعدم قدرتهم على استمرار العيش تحت هذه الخيام وسط غياب الحلول، حيث لا تسعف إمكانات الإدارة الذاتية لتغطية حاجة النازحين في المخيم.
وأمام هذا الواقع، يستعد النازحون مع حلول فصل الشتاء للصعوبات التي ستواجههم من خلال تحصين حواف خيامهم بالأتربة ووضع مواد عازلة للأمطار لمنع تسرب المياه.
وشكل تساقط الأمطار العام الفائت في مخيم واشوكاني، ازدياد معاناة النازحين بعدما تسربت المياه إلى داخل الخيام وألحقت أضراراً بها.
ولمنع تكرار تلك معاناة، تحمل سليمة محمد (65 عاماً) مجرفة لتحصن جوانب خيمتها الأرضية بالأتربة تارة وتمسح المياه فوق خيمتها تارة أخرى.
وتسبب تساقط الأمطار الأخيرة في المخيم بتراجع حركة المارة، إلا أن ذلك لم يمنع الأطفال أن يلهو في الخارج لكن أغلبهم كانوا بلا معاطف شتوية.
وداخل خيمتها التي تعيش فيها برفقة 10 أفراد من عائلتها، تشكو الستينية النازحة من سري كانيه من ضعف المساعدات المقدمة لهم من قبل المنظمات.
وتقول: “الشتوية باردة جداً هنا، إلى الآن لم يوزعوا المازوت علينا، لم يستبدلوا خيامنا منذ ثلاث سنوات، كما أن الكثير من الأسر هنا تفتقر إلى الأغطية والأفرشة”.