رغم تأثره بالأزمة السورية.. يبقى سوق الحميدية الإرث المادي والغنى التاريخي لدمشق

دمشق – صفاء عامر – NPA
يعدُ سوق الحميدية من أكبر أسواق دمشق إذ يبلغ طولهُ نحو /600/ متراً وعرضه نحو /15/ متراً، وارتفاعه /8/ أمتار، ويعتبر من أقدم الأسواق المسقوفة في العالم.
تضاربت الآراء حول سبب تسميته، فالرواية الأولى تقول إنّ سبب تسميته بـ"سوق الحميدية"، هو لوجود "الخانقاه" أو "المدرسة الأحمدية" فيه، وهي المدرسة التي كانت موجودةً في موقع جامع الحميدية اليوم، واعتمدت هذه الرواية على أنّ اسم "العصرونية" و"الخضيرية" و"الشركسية " و"الدلامية" وغيرها على تلك الأحياء من دمشق، بسبب وقوع تلك المدارس فيها.
أما الرواية الثانية، وهي الرواية الأكثر انتشاراً فتعتمد على أنّ أصل التسمية هو نسبةً إلى السلطان العثماني عبد الحميد الأول الذي بناه عام 1780م.
يباع في السوق جميع أنواع المطرّزات والأجواخ وأدوات الزينة والأقمشة الحريرية والملبوسات النسائية الجاهزة، وتنتشر محلات بيع التُّحف والمصنوعات النحاسية, ويحوي صرحاً تاريخياً هو (جامع الأحمدية).
دمشق الصغرى
يتميّز سوق الحميدية بوجود استراحاتٍ متموضعةٍ داخل المحال لبيع الحلويات الشامية كالبوظة والمحلّاية والسحلب وينتشر الباعة الجوالون والبسطات بين كل زاوية وأخرى.
يقول لـ "نورث برس" بائع العرق سوس وهو يرتدي زيّه التقليدي "الشروال والصدرية": "سوق الحميدية.. تاريخٌ لا يبوح بأسراره إلّا لزواره".
ويقول فراس السلكة بائعٌ للآلات الموسيقية "عبقُ دمشقَ تجده في هذا المكان, الأسواق المترابطة تمثل عصب دمشق, أقل ما يوصف به السوق أنّه جولةٌ مصغرةٌ للعاصمة القديمة الغنيّة بحضاراتها وأماكنها".
ويردف بالقول "هذا السوق سوق الأغنياء والفقراء معاً ويناسب جميع شرائح المجتمع".
تأثره بالحرب
أثرت الحرب بشكلٍ واضحٍ على حركة السوق حيث انخفضت فيه نسبة المبيعات على نحوٍ كبيرٍ لاسيما خلال عامي 2011 و 2012 خاصّةً أنّ جُلّ الزبائن كانوا من السيّاح الذين يبتاعون مختلف الأغراض منهُ مهما كانت الأسعار
فيما تحسّنت حركة السوق خلال الثلاثة أعوامٍ الماضية خاصةً بعد استعادة سيطرة الحكومة السورية لعدد من المناطق الصناعية التي عاد إليها التجّار لترفدهم بالمواد الأولية اللازمة للصناعات المختلفة.
عارف المؤذن، أحد تجّار الحميدية يشرح عن تأثير الحرب وانعكاساتها على حركة البيع فيقول: "كانت العروس السورية قبل الأزمة، تكسو نفسها بالثياب من سوق الحميدية بأقل من /50/ ألف ليرةٍ، بينما تحتاج اليوم إلى أكثر من /300/ ألف ليرة على الأقل. ونحن لا قدرة لنا على تخفيض الأسعار، فمصادر التصنيع تستهلك جُلّ أرباحنا".
أما "راما .م" إحدى زائرات السوق تقول "السوق عبارةٌ عن مدينةٍ تجاريةٍ وصناعيةٍ مصغرةٍ تجد فيه كل ما يخطر على بالك".
الأسواق الجانبية
ويتفرع عن السوق عدة أسواقٍ جانبيةٍ، وهي أسواقٌ مهنيةٌ تخصصيةٌ أخذت بعض هذه الأسواق اسمها من المهنة التي يمتهنها الناس فيها، أو المنتجِ الذي يُباع فيها.
ومن هذه الأسواق؛ سوق مدحت باشا وهو سوقٌ طويلٌ مسقوفٌ مثل سوق الحميدية بناه الوالي العثماني مدحت باشا, وسوق البزورية وفيه يباع كل شيء يتعلق بالأغذية والحبوب والبذور المجفّفة إضافةً للسمنة العربية والزيوت والبهارات وسوق العصرونية وهو المصدر الرئيسي لكسوة المطبخ السوري.
وهناك أيضاً أسواقٌ خاصةٌ بالنسيج هي سوق الحريقة المتخصّص بالأقمشة وسوق الخياطين وسوق الصاغة وسوق المناخلية. وسوق القيشاني الذي تباع فيه الكلف والأزرار وسوق الصوف وسوق القطن وسوق العبي للعباءات العربية وسوق الحرير وسوق العرائس المتخصّصة بلوازم الأعراس.
ويحوي سوق القباقبية وسوق السروجية (صناع سروج الخيل) ويسميها السكان سوق تفضلي، وسوق الطويل وسوق المسكية.
ويبقى سوق الحميدية جزءً لا يتجزأ من تاريخٍ كبيرٍ لسوريا يذخرُ بالعراقة والحضارة عبر العصور.