المجدرة بـ 20 ألف ليرة سورية وجيب المواطن “شنقت حالها”

دمشق- نورث برس

لم تعد “المجدرة” أكلة “الدراويش”، بل لمن استطاع شراء مكوناتها سبيلاً, فهي تكلف اليوم ما يقارب 20 ألف ليرة سورية, أي ما يعادل ربع راتب الموظف السوري، على خلاف سنوات ما قبل الحرب، إذ كانت هذه الطبخة لا تكلف كثيراً ومكوناتها كانت متوفرة في مطبخ العائلة السورية كونها من المؤونة التي لا تنفذ لديهم.

تقول ريهام عيسى من سكان منطقة المزة بدمشق إن الأوضاع الاقتصادية المتردية قلبت حتى المثل الشعبي “العز للرز والبرغل شنق حاله” رأساً على عقب, “فالعز للرز والبرغل معاً وجيبة المواطن شنقت حالها”.

وتتساءل السيدة الخمسينية وهي ربة منزل تعتمد في المصروف على راتب زوجها التقاعدي، “هل يعقل أن يصبح سعر كيلو البرغل 7000 ليرة، ماذا سيأكل الفقراء؟ هل ستصبح  المجدرة هي الأخرى حكراً على طبقة معينة من الناس؟”.

وبينما تتبضع لشراء بعض احتياجات منزلها، تزيد “عيسى” على كلامها بلهجتها المحلية، “عشنا وشفنا وياما حنشوف”، في إشارة منها إلى أن الوضع  يتجه نحو مزيد من التدهور في أسعار السلع.

ويبلغ سعر الكيلوغرام من البرغل وهو المكون الأساسي للطبق الشعبي 7500 ليرة سورية والعدس الأحمر يتراوح بين ما بين 7000- 8000 ليرة سورية حسب النوعية والمحل.

فيما يبلغ سعر كيلوغرام البصل 2000 ليرة، دون حساب تكلفة اللبن أو السلطة أو المخلل الذي سيقدم إلى جانب المجدرة وزيت الزيتون الذي تُطبخ المكونات بواسطته.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت أسعار البقوليات من العدس والحمص في ظل نقص في الكميات بأسواق دمشق.

ويرجع أصاب محال تجارية الارتفاع إلى الاستيراد من خارج البلاد و”تلاعب” مستوردين بالأسعار.

وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أعلنت في السابع والعشرين من الشهر الماضي، عن موافقتها على اقتراح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالسماح باستيراد العدس المجروش والحب والحمص اليابس والفاصولياء الجافة.

واشترطت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن تكون فترة الاستيراد ستة أشهر فقط.

لكن القرار الحكومي لاقى استياء سكان حملوا الوزارة مسؤولية تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية وسط قلة الدعم الذي يدفع المزارعين لشراء مستلزمات الزراعة من السوق السوداء وبأسعار باهظة، إضافة إلى عدم تناسب تسعيرة الشراء من قبل الحكومة مع تكاليف الإنتاج.

وكانت سوريا قبل من البلاد المُكتفية ذاتياً من الحبوب والبقوليات.

ويعود كريم الحسيني من سكان منطقة المزة بدمشق, بذاكرته لعام 2019 حين كانت بالنسبة له الأوضاع الاقتصادية أفضل بكثير من اليوم”.

ويقارن “الحسيني” وهو موظف حكومي ميزانية المجدرة  لعام 2019، حيث كان كيلوغرام البرغل يباع بـ 750 ليرة سورية وكيلوغرام العدس بألف ليرة، فيما كان كيلوغرام اللبن بـ 350 ليرة، بمعنى أن التكلفة الإجمالية كانت 2100 ليرة.

لكن اليوم التكلفة 20 ألف ليرة سورية بدون اللبن, “وربما ترتفع أكثر طالما أن السوق يتحكم به التجار دون رقابة عليهم وعلى الأسعار”، بحسب قول الموظف الحكومي.

تتحسر لمى الدروبي, من سكان منطقة ركن الدين بدمشق، كسابقها على سنوات ما قبل الحرب، حين كان البرغل والعدس والحمص من بين المواد المتوافرة في المطبخ السوري.

قبل الحرب، لم تكن “الدروبي”، وهي معلمة في إحدى المدارس الحكومية تفكر في إعداد المجدرة إلا عندما يشتهيها أفراد عائلتها، لكن “إعدادها يحتاج اليوم لتفكير وحساب دقيق للمصروف العائلي”.

 وتعتمد عائلة السيدة على راتبها والدروس الخصوصية التي تُدرسها وعمل زوجها وهو موظف حكومي ما يقدر بـ750 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ لا يكفي احتياجات العائلة المكونة من طفلين في المرحلة الابتدائية، حسب قولها.

إعداد: مرام المحمد – تحرير: سوزدار محمد