إدلب ـ نورث برس
تقلصت المسافة بين حركة أحرار الشام كبرى فصائل الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً، إلى مستوى “الاندماج غير المعلن”، بعد أن أقصت القيادة الحالية للحركة قادة التيار المناهض لهذا التقارب، وسط صمت تركي يعكس رضاً غير معلن إزاء هذا التطور.
وقبل أيام، أصدرت قيادة “أحرار الشام” بياناً، أكدت فيه عزل 6 من القيادات المؤسسين والمحسوبين عليها وهم “جابر علي باشا، علي العمر، مهند المصري، محمد ربيع الصفدي (أبو موسى كناكري)، أبو حيدرة الرقة وخالد أبو أنس (أبو أنس سراقب)”.
وأوضحت الحركة أن المذكورين في البيان، “ليس لهم أي توصيف وظيفي في الحركة، ولا تربطهم أي صلة تنظيمية بها ومواقفهم تعبّر عن آرائهم الشخصية فقط ولا تعبر عن الموقف الرسمي للحركة”.
وقال “موسى أبو عزام”، من المكتب السياسي لحركة أحرار الشام، لنورث برس، وهو من ضمن القيادات المعزولة، “البيان هو بداية حقيقية الاندماج غير المعلن للحركة تحت راية هيئة تحرير الشام الإرهابية”.
وأضاف: “هو الهدف الذي سعى إليه الجولاني منذ الانقلاب الذي جرى في العام 2020 وعلى إثره تم تنصيب أبو عبيدة عامر الشيخ قائداً للحركة بديلاً عن أبو عمار”.
صمت تركي داعم
وجاء البيان عقب تصاعد الأصوات المناهضة لسياسة الحركة الأخيرة والتي جعلت منها عصاً بيد هيئة الجولاني، وبدأ ذلك جلياً في تسهيل دخول الهيئة إلى عفرين، وصولاً إلى ارتداء أمنيي الهيئة زي أحرار الشام لإخفاء حقيقة وجودهم في عفرين وريفها، بحسب “أبو عزام”.
وقال: “الجولاني استطاع وبجدارة وتحت أنظار الداعم التركي، الذي يبدو عليه الرضى مما يجري، إخضاع العديد من الفصائل إلى جانب الحركة، كفيلق الشام وفصيل العمشات والحمزات وغيرها”.
ورأى “أبو عزام”، أن الجانب التركي لو لم يكن راضٍ عن هذا التقارب “لكان أوقف ذلك بمجرد تحذيره لأبو عبيدة، وهو موقف يشبه الصمت التركي إزاء الدعم والمساندة التي قدمتها الفصائل المدللة لدى تركيا، كالعمشات والحمزات، للهيئة عند دخولها عفرين”.
ويبدو أن الحركة باتت في حالة “اندماج غير معلن” خصوصاً وأن المجلس العسكري في إدلب وغرفة عمليات الفتح المبين باتت الإطار الأوسع الذي يجمع الحركة والهيئة بمباركة عامر الشيخ، القائد الحالي وأحمد الدالاتي وحسن صوفان أبرز قيادات الحركة، بحسب “أبو عزام”.
وقال إنه بتاريخ الثامن من الشهر الماضي، “انشق أكثر من 1100 عنصر ضمن كتل كبيرة من حركة أحرار الشام، وعلى رأسها لواء الإيمان”.
وأشار إلى أن السبب يعود “لاستنكارهم التقارب الكبير بين الحركة والهيئة، وتخلي الحركة عن متطلباتها ومبادئها التي نشأت عليها، لاسيما وأن الهيئة تصنف ضمن قوائم الإرهاب”.
“علاقة تشاركية”
ومن وجهة نظر نادر “أبو اليمان مورك” من القيادات العسكرية في أحرار الشام تحت القيادة الحالية في إدلب، فإنه “لم يعد يخفى على أحد التقارب الكبير والعلاقة التشاركية التي تربط حركة أحرار الشام بهيئة تحرير الشام”.
ويقول لنورث برس: “نحن كعسكريين في الحركة نشارك وبحيز كبير من قواتنا ومعداتنا العسكرية تحت راية هيئة تحرير الشام ضمن غرفة عمليات الفتح المبين وأيضا ضمن المجلس العسكري في إدلب، على جبهات إدلب الجنوبية وريف حلب الغربي، إضافة للتنسيق الأمني أيضاً”.
ويشير إلى أن عزل القيادات “الفاسدة” في الحركة عبر البيان الأخير “كان خطوة صحيحة ومتوقعة لتنظيف الداخل واتخاذ موقف حازم من التشتت الذي نعيشه ضمن مظلة الجيش الوطني”.
ونوه إلى أن هذا التقارب كان ضمن نطاق “التعاضد والتكاتف مع الهيئة كحال جميع الفصائل الهادفة لذلك ضد النظام الذي يسعى لاحتلال المنطقة”.
لكن الذي دفع القيادة الحالية للاقتراب بشكل كبير من الهيئة هو أمران “مهمان” بحسب “أبو اليمان مورك”، الأول: “محاولة القيادة السابقة بزعامة أبو عمار (مهند العمر) من حركة أحرار الشام الاندماج مع الجبهة الشامية في العام 2020، وهو ما دفع عامر الشيخ لتدمير هذا المخطط والانقلاب عليهم وتسلم السلطة بدعم من هيئة تحرير الشام”.
والثاني: “إقدام الجانب التركي على قطع الدعم المالي واللوجستي عن الحركة إلى جانب فيلق الشام، وذلك منذ نحو 4 أشهر، مما دفع القيادة الحالية لاختيار البديل الأفضل والذي تمثل بهيئة تحرير الشام التي تتولى دفع رواتب ولوجستية الحركة حالياً سواء في إدلب أو عفرين”.
ويعرب عن اعتقاده في أن البيان الذي صدر “يفسر وبشكل واضح الاجتماعات المتتالية التي عقدها الجولاني مع أبو عبيدة الشيخ، في أطمة خلال الشهر الماضي، ويبدو أن الأيام القادمة تحمل مفاجآت كثيرة”.