ضحايا الفطر السام بالرقة.. وفاة نصفهم ومن تبقى بحالة حرجة

الرقة – نورث برس

في ممر مشفى الأطفال التخصصي بالرقة، يجلس أحمد على كرسي الانتظار ويراقب الأطباء الخارجين من غرفة العناية المركّزة، ليطمئن على حال أبناء عمومته ممن تسمموا بالفطر.

أحمد الحسن (42عاماً) من سكان أبو وحل شرقي الرقة، شمالي سوريا، لم يجد بُداً من الانتظار في منزله ليسمع أخبار أقاربه الذين أُسعفوا لمشافي المدينة ومراكزها الطبية نتيجة تسممهم بالفطر.

والثلاثاء الفائت، استقبلت مشافي الرقة 26 حالة تسمم لأشخاص تناولوا الفطر السام، ونتيجة لذلك أصيبوا بقصور كبد حاد، بحسب بيان للجنة الصحة.

والسبت الماضي، قال مصدر طبي في مشفى الأطفال إن عدد الوفيات ارتفع إلى 11 شخصاً.

فيما يقول “الحسن” لنورث برس، إن هذا الرقم ارتفع أمس الأحد، فوصلت الوفيات إلى 13 شخصاً وجميعهم من أقاربه.

وتواصلت نورث برس، مع لجنة الصحة في الرقة لكنها لم تتلق رداً.

ويضيف الرجل أن الأشخاص الـ 26 الذين تسمموا هم من ثلاث عائلات من أبناء عمومته، تناولوا فطراً وجدوه في مرعى أغنامهم، والعائلات هي لـ خالد وأحمد ومحمد السليمان.

وينحدر هؤلاء من منطقة السخنة شرقي حمص وهم رعاة أغنام استقروا في قرية أبو وحل شرقي الرقة.

وبينما تتوالى أخبار الوفيات من المصابين، يجد “الحسن” نفسه مجبراً على البقاء في المشفى، مواسياً ومسانداً لهم، لا سيما وأن إحدى هذه العائلات لم يبق منها سوى طفلٌ واحد.

وبما أنهم يعملون بتربية الأغنام ورعيها، استأجر هؤلاء مرعى “برسيم” لأغنامهم، وجد أطفالهم الفطر في “البرسيم”، وحملوه إلى أهلهم ورغم تحذير أحد أقاربهم منه إلا أنهم تناوله.

وينمو الفطر في أرياف الرقة بعد هطول الأمطار ويكثر في التربة الغضارية وبقايا المواشي العضوية، نتيجة احتفاظها بالرطوبة.

ويستطيع سكان في الرقة تمييز الفطر السام والصالح للأكل، ولتمييز الفطر السام يُعرّف السكان أبنائهم عليه ويطلقون عليه “فطر بول الكلاب”، ومن ناحية الشكل يختلف النوعان بشكل كبير.

“الحسن” يشير إلى أن أقاربه تناولوا الفطر في وجبتي الغداء والعشاء وتأخرت أعراض التسمم لليوم التالي، حينها بدأت العائلات الثلاث تعاني من إسهال وإقياء وغثيان وظنوا أن الذهاب للصيدلية سيحل الأمر، لكن ذلك ما لم يحدث.

وأمام اشتداد الأعراض والانتكاس الصحي، أسعفهم أقاربهم إلى مشافي الرقة، الثلاثاء الماضي، وكان “الحسن”، من بين المسعفين.

ويتخوف “الحسن” على مصير بقية المصابين، حيث يرقد 9 منهم في العناية المركّزة بالمشفى الوطني ومشفى خاص، فيما هناك أربعة آخرون ضمن قسم الأمراض الداخلية بالمشفى الوطني تحت المراقبة.

ويقول “الحسن”، إن أحد الأخوة ممن أصيبوا بالتسمم توفي مع خمسة من أولاده وبقيت زوجته وطفلٌ وحيد في العناية المركّزة تحت المراقبة.

وينصح الرجل، من يتعرض لذات الحالة مراجعة المشفى على الفور حتى لا يقع بالخطأ الذي ارتكبه أبناء عمومته وكلفهم حياتهم، “لو جايين من البداية على المشفى ما كان صار إلى صار، يمكن كانت تنحل بغسيل معدة، لكن هذا قضاء الله وقدره”.

وبحسب أطباء في مشفى الرقة الوطني، فإن الفطر السام تبين معهم بعد أخذهم لعينة منه، وهذه النوعية من المواد “السُمّية”، تحتاج لمراقبة على مدار 12 يوماً للمصاب.

والسبت الفائت، قال الدكتور سمعو عثمان، طبيب في مشفى الأطفال التخصصي في الرقة، لنورث برس، إن المصابين عانوا من إسهال وغثيان وإقياء والبعض منهم في حالة اختلاج وفقدان للوعي.

وبحسب الطبيب، فإن لجنة الصحة ستتكفل بتقدم نصائح وبروشورات للسكان في المنطقة “حتى لا يتكرر الأمر”.

إعداد: فاطمة خالد – تحرير: زانا العلي