القامشلي.. هجرة شبابية أسبابها مطروحة للحل ضمن ميزانية الإدارة الذاتية
القامشلي – نورث برس
رغم علمه أنها محفوفة بالمخاطر، لا يستبعد عيسى الذي يعمل في محل ألبسة وسط سوق القامشلي، شمال شرقي سوريا، الهجرة إلى الخارج بحثاً عن مستقبل أفضل، كما حال الكثير من أقرانه.
ويعدد عيسى أومري أسباب ذلك بعدم توفر فرص العمل وقلة الرواتب التي لا تسد المصاريف الشهرية إلى جانب غياب الفرص الدراسية للطلاب وعدم إيجاد أمل بالمستقبل القريب في المنطقة.
ويضيف بعد انتهائه من ترتيب بعض الألبسة على الرفوف، “الهجرة تشغل بال الشباب دائماً، كما أن عدداً من أصدقائي الذين كانوا يأبون الهجرة حالياً هاجروا إلى الخارج”.
وفي خضم الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الطاحنة التي تمر بها سوريا منذ نحو أكثر عقد من الزمن، تستمر هجرة الشباب السوري نحو الخارج، وسط تدهور مستمر لقيمة الليرة السورية أمام الدولار، وما يشكله ذلك من صعوبات معيشية كبيرة للسوريين.
ولا تستثني مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، من هذه الأوضاع التي تتأثر بدورها بالأوضاع العامة التي تمر بها البلاد.

وتغيب الإحصائيات الرسمية لهجرة الشباب من شمال شرقي سوريا.
أسباب متعددة
ويختزل خورشيد عليكا، وهو باحث اقتصادي في ألمانيا الأسباب في عدم تمكن الشباب من تأمين مصاريف الدراسة والزواج ومساعدة الأهل في حال عدم استطاعة الآباء العمل، ما يزيد العبء عليهم لتأمين الاحتياجات المعيشية، فيهاجر أحد شباب العائلة لتأميل دخل لأسرته.
يضاف إلى ذلك التضخم الجامح الحالي وارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل جنوني وعدم الاستقرار السياسي الذي يلقي بظلاله على الوضع الاقتصادي والتهديدات التركية لمناطق الإدارة الذاتية والتي جمدت الاستثمار في المنطقة، بحسب “عليكا”.
وفي محل آخر لبيع الألبسة، يقول هوشيار حسن، إن عدم إيجاد حلول للتعليم في المنطقة، سبب آخر يدفع البعض للهجرة.
وتشكل مسألة التعليم، جدلاً واسعاً في مناطق الإدارة الذاتية، لعدم وجود اعتراف رسمي بها حتى الآن.
تعتمد الإدارة الذاتية نظام التعليم باللغة الأم، والذي يقر بدراسة كل مكون بلغته الأم كالكردية والعربية والسريانية، إلى جانب مواد للغات أجنبية، وتمنع المناهج الحكومية في مدارسها.
ويرى مراقبون أن إطالة أمد الحرب في السورية وعدم وجود رؤى مستقبلية للوضع الراهن بإنقاذ نزيف الهجرة، لا تدع المجال للشباب بالبقاء والمضي تباعاً في طريق الهجرة.
ويشير “حسن” إلى أنه بعد إغلاق الإدارة الذاتية المعهد الأكاديمي الخاص الذي كان يرتاده، صار يساعد والده في المحل الذي يشهد ركوداً في حركة العمل، “بالكاد نبيع يومياً قطعتين من الألبسة”.
مشاريع اقتصادية لم تنفذ
لكن سكاناً يجدون أن إدارة المنطقة مطالبة بتوفير فرص عمل دائمة للشباب من خلال فتح شركات ومعامل وزيادة الأجور التي لم تعد تسد حاجة الكثيرين.
ولاقى قرار الإدارة الذاتية برفع أجور موظفيها 100 ألف ليرة سورية، الأحد الماضي، امتعاض رواد على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن الزيادة مقارنة مع ارتفاع الحالة المعيشية، لا تسد حاجة شريحة كبيرة من ذوي الدخل المحدود.
وناقشت لجنة التخطيط والتنمية والإحصاء في الإدارة الذاتية، خلال اجتماعها الشهري في الرابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر الفائت، الوضع التنموي العام وظاهرة هجرة الشباب.
وذكرت أنها قدمت مقترحات مبنية على دراسات وبحوث لإيجاد الحلول الممكنة للحد من هذه الظاهرة، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
وتعلل هندرين سينو، الرئيس المشارك في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في إقليم الجزيرة، قلة فرص العمل بأن مناطقهم كما سوريا عامة تعيش في أزمة حرب وسوء الوضع الاقتصادي الذي له تأثير على المجتمع وخاصة فئة الشباب.
وتشير لنورث برس إلى أنهم كإدارة ذاتية قدموا الكثير من المشاريع خلال العام الأخير، بينما لم ينفذ قسم منها بسبب حالة الطوارئ التي أعلنتها الإدارة جراء التهديدات التركية.
وتوضح أنه خلال الموازنة القادمة لعام 2023 سيكون هناك الكثير من المشاريع التي ستتركز حول مشاريع صناعية وزراعية وتنموية وخدمية وصحية.
وتضيف: “هذه المشاريع تهدف للتطوير والخدمة المجتمعية، وستنفذ مشاريع مناسبة بحسب الأولوية”.
وبحسب الرئيسة المشاركة لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل، في حال نفذت هذه المشاريع “سوف يتحسن الوضع المعيشي وهذه المنفعة سوف تعود للشعب وعلى رأسهم الشباب”.
لكن تصريحات الإدارية لا تلقى صدى إيجابياً لدى البعض، وخاصة أن الإدارة الذاتية قد شكلت خلية أزمة اقتصادية قبل عاميين لمواجهة الغلاء وتبعات قانون عقوبات “قيصر”.
وحينها قالت الإدارة إن الوضع الاقتصادي في مناطقها سيشهد تغيراً ملحوظاً بفعل مشاريع تعمل عليها لإيجاد حلول يمكن من خلالها تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة في شمال شرقي سوريا. ولكن على أرض الواقع لم تنفذ تلك المشاريع.