تكفير وتهديد بالقتل وقصص مريعة لدى فاطمة.. أسيرة سابقة عند تنظيم “الدولة الإسلامية”

دمشق – صفاء عامر – NPA
لم تتوقع فاطمة جاسم الأربعينية، أن يمر عليها عام في حياتها يعادل عمرها كلهُ الذي عاشتهُ والذي لم تعشهُ بعد حتى موتها.
فاطمة كانت معتقلة لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) روت لـ"نورث برس" قصة سجنها لدى التنظيم قائلة إنها في شباط/فبراير عام 2015 كانت قادمة من قريتها "الصبخة" التي تقع في ريف مدينة الرقة إلى دير الزور لزيارة أخيها "الشرطي" والمتزوج والمقيم هناك.
التكفير والحكم بالموت
وفي الطريق وبعد /25/ كم أوقفت مجموعة من المسلحين السيارة التي تقلها، وطالبت الركاب بإبراز هوياتهم الشخصية, وبعد حوالي ساعة من الزمن "أعادوا الهويات لمن في السيارة إلا هويتي الشخصية وطلبوا من سائق السيارة المغادرة بدوني, وهددوا السائق بالسلاح وتم أخذي إلى مكان آخر حيث وضعت في منزل وأغلق علي الباب".
وتابعت فاطمة أنها كانت تسمع أصوات أناس أخرين يعيشون بقرب المنزل الذي كانت فيه، وفي اليوم الثاني قابلت أحد الأشخاص كان طويل القامة أسمر الوجه  يحمل مسدساً وحقق معها بخصوص أخيها، متهماً إياه بالعمل لدى "النظام" وأتهمها بأنها تتعاون معه لإيصال أخبار القرية، ويجب معاقبتها بالموت.
الاستقواء بالبعض
ثم أعادها للسجن، وعن سجنها قالت فاطمة "كان فيه عشرات النساء غيري كنا نستمع لبعضنا ونتحدث عن حياتنا قبل الاعتقال وماهي خططنا إذ أفرجوا عنا وما الأحلام التي نحلم بها والآمال التي نتعلق بها"، مؤكدة "كان بيننا مهندسات ومدرسات, نستمد قوتنا من بعضنا البعض".
لم يقدموا لهم سوى الماء والخبز وبعض المرات الرز والبرغل ليقولوا لهم في كل مرة يفتحون عليهم الباب بأنهنّ تستحقْنَّ هذا الطعام لأنهنّ "فاجرات وكافرات"، بحسب ما قالت فاطمة.
وتابعت بسرد قصتها "أعادوني بعد أيام إلى ما يسمى تحقيق وقد سألني رجل عما إذا كنت متزوجة وعن حياتي وبعض الاسئلة التي تخص الدين وعن رأيِ فيما يسمى دولة الخلافة وقال لي بأن تهمتي كبيرة وعقوبتها الرجم حتى الموت".
جهاد النكاح
أخبرها المحقق أنه يمكن أن يلغي الحكم و"تكفّر عن ذلك بالجهاد وسألته كيف ذلك؟" فقال "لو كنت طبيبة أو ممرضة تساعدين الجرحى ولكن باعتبارك لا تعرفين ذلك يمكن لك أن تجاهدي بالزواج"، وبدأ يشرح لها طريقة الزواج مما جعلها ترتجف أمامه.
صمتت فاطمة للحظات صمتاً استثنائياً ثم استأنفت حديثها عن امرأة أخرى كانت معها بالسجن، فتقول: "كانت معي امرأة مكلّفة بغسل ثيابهم وتنظيف المقرات وطهي الطعام لهم ومساءً يُعاد بها إلى السجن. سألتها مرة لماذا لم تهرب طالما سنحت لها الفرصة لها، أجهشت بالبكاء وقالت لا يمكنني لأنهم يحتجزون ابني الذي لم يبلغ من العمر عشر سنوات".
تعذيب وكي بالنار
وعن التعذيب الذي لقيته، قالت فاطمة "في أحد الليالي جاءت إلينا امرأة ترتدي ثوباً أسود تحمل مسدساً، عرفنا أنها المسؤولة عن النساء المعتقلات، كان شكلها مخيفاً قامت بتعذيبنا وخرجنا بعد أن أجبرتنا على خلع ثيابنا، وهي تقول لنا عندما تضربنا بأننا سوف نتمنى الموت ولا نجده، كانت تضربنا بالسوط وتقوم بكي سيخ على النار وتجلدنا به، ولا تكتفي بذلك بل ترفسنا كالحيوانات وتتهكم علينا بأشنع العبارات والألفاظ".
زواج بأكثر من رجل
أضافت فاطمة "مرت الأيام ثقيلة وقاسية عانينا فيها الكثير حر الصيف وبرد الشتاء والضرب والتحقير والاهانة, احدى السجينات رضيت أن تتزوج بشرط الإفراج عن اختها المعتقلة وبالنهاية زوجوها ولم يفرجوا عن اختها، ثم بعد يوم عادت للسجن وأخبرتنا بأنها تزوجت لليلة واحدة فقط من ثلاث رجال كانت تبكي وتتألم كثيراً".
وقالت فاطمة أنها تمنت الموت ولا تريد أن تتذكر تلك الأيام واصفة إياهم بوحوش "لا يخافون الله ولا يعرفونه".
تختتم فاطمة جاسم الأربعينية حديثها لـ"نورث برس" عن طريقة فك أسرها فتقول: "بعد أن اقتربت قوات الحكومة السورية من مدينة الميادين هرب المسلحون من السجن تباعاً ولم يبقى أحد منهم، وقبل هروبهم فتحوا لنا الأبواب، سلمنا أنفسنا للقوات الحكومية التي قامت بدورها بتأميننا إلى منطقة الجورة الآمنة ضمن أحياء مدينة دير الزور لتتجه بعدها كل واحدة منا إلى منطقتها".