التسويات في السّويداء .. رفض شعبي ومحاولة للحكومة لفرض سلطتها

السويداء ـ نورث برس

يرى سامر رضوان (30 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان السويداء، أن التسويات الأخيرة التي تفرضها الحكومة السورية على المحافظة، “لم تقدم أي جديد”.

ومنذ أواخر عام 2012، فضل “رضوان” الاعتكاف في مدينته بعد أن “فررت” من الخدمة الإلزامية في القوات الحكومية، “رفضت أن أكون شريكاً بالدم السوري”.

ويقول لنورث برس، أن المهلة التي تحملها التسوية الجديدة هي ستة أشهر فقط، “بهذه المدة لا يستطيع المتخلف أو الفار إصدار جواز سفر”.

ويشدد الشاب الثلاثيني على ضرورة أن تعي السلطات الحكومية أن هذه التسويات “غير ناجحة”، في ظل غياب الرؤية المستقبلية للبلاد.

وفي السادس من هذا الشهر، أطلقت الحكومة السورية تسوية للمطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياط في محافظة السويداء، بإشراف حسام لوقا مدير المخابرات العامة، والفرقة الرابعة، كان مركزها في صالة 7 نيسان، بمدينة السويداء.

ولكن لم تحمل هذه التسوية تأجيلاً إدارياً، كما التسوية التي حدثت في درعا قبل أعوام، إذ أتاحت حينها للمتخلفين إصدار جوازات سفر والسماح بمغادرة البلاد خلال مدة معينة.

وفي صراعات فرض النفوذ والسيطرة، تلجأ السلطات السورية لمفهوم “التسوية” وبين جدلية قانونية التسوية وعدم وجود سند قانوني لها ومن يرى أن الشعب ليس بحاجة لتسوية وضعه في بلده، وبين من يقول إنها محاولة لفرض القانون، يبقى لواقع التسويات على الأرض كلمة الفصل.

مصير التسوية

الناشط السياسي فادي الجبل من السويداء، يؤكد هو الآخر أنّه “لا جديد” في هذه التسوية، ويقول: “هي من محاولات النظام اليائسة لإعادة تفعيل دور الأفرع الأمنية التي لا يخفى على أحد ضلوعها في دعم وتمويل الإجرام بأشكاله”.

ويرى أن من سيقوم بالتسوية هم تجار المخدرات “على قاعدة ما بين التسوية والتسوية يمحي النظام ما بينهما من ذنوب”.

ويؤكد على أن هذه التسوية هي محاولة “لفرض بعض الوجوه التي أصبحت محط استهزاء لدى الجميع هي محاولات اليائس ليستمروا”.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية  لأعداد المتخلفين عن الخدمة الإلزامية في محافظة السويداء، ولكن يقدر العدد  بحوالي 30 ألف شاب.

ومن بين هذه الآلاف من الشباب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياط ، لم تتجاوز أعداد الشباب الذين عملوا على تسوية أوضاعهم الألف شابٍ.

وبحسب آخر تصريح رسمي، قال رئيس لجنة التسوية بالسويداء العميد ياسر خزام، لـصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إنّ عدد المطلوبين ممن راجعوا اللجنة لتسوية أوضاعهم “تجاوز الـ٩٠٠ مطلوب”.

هلاك وجبهات قتال

يقول الكاتب والسياسي حافظ قرقوط، إنّ السكان والشباب بشكل خاص في السويداء، “أصبحوا يعون أن هذا النظام لا يفي بوعوده ولا بتسوياته”. 

ويعتقد “قرقوط” أنه لو وافق أبناء السويداء على التسوية، “فسيذهبون إلى الهلاك، بإرسالهم إلى الجبهات  في البادية، أو إلى المناطق في جوار إدلب”.

ويضيف: “حلول النظام دائماً أمنية ولا يدرك أن هنالك تسوية وعليه أن يطوي الملفات”.

وعن بعض الشباب الذي ذهبوا لإجراء التسوية، يقول “قرقوط”، لنورث برس، “هم ممن لديهم  إشكاليات أمنية ولهم علاقات بالعصابات، فيحتمون بهذه التسويات”.

ويضيف: “بعد الحراك  الشعبي في أواخر تموز وسقوط مقار العصابات المدعومة أمنياً، سقط الغطاء والحماية عن بعض الأفراد، وأصبحوا بحاجة إلى حماية جديدة من خلال هذه التسويات”.

ويرى “قرقوط” أن “النظام يحاول تمرير نفوذه بين وهذا وذلك، فهو في السابق كان يدعم العصابات، والآن يسوق نفسه بأنه ضدها ويعفي عن أفرادها”.

حاجته للتسوية

بالتزامن مع تسوية السويداء جرت تسوية محافظة حماة ، وانطلقت قبل أيام عملية التسوية الشاملة في ساحة البلدية بمدينة دوما، والتي تشمل مدن وبلدات الغوطة_الشرقية وعدد من النواحي التابعة والمحيطة بها (عدرا البلد – دوما – النشابية – عربين – كفر بطنا – سقبا – عين ترما – زملكا).

وجاءت تلك التسويات من خلال دعوة عامة وُجّهت للسكان لتسوية أوضاعهم عبر الحضور وتقديم الطلبات في مبنى الوحدة الإدارية.

ويضيف “قرقوط” أن هدف هذه التسويات هو “تثبيت الوضع داخلياً، وأن النظام سلطة موجودة. وهكذا يسوق لنفسه داخلياً، ولكن كل هذا يذهب إلى لا شيء”.

إعداد: رزان زين الدين ـ تحرير: قيس العبدالله