مسيحيو رأس العين يرفضون التهديدات التركية لمنطقتهم

سري كانيه / رأس العين – عبد الحليم سليمان – NPA
يترقب أبناء مدينة رأس العين/سري كانيه، وعلى وجه التحديد، أبناء المكون المسيحي، مآلات التهديدات التركية والوضع العسكري والسياسي للمنطقة بشكل حذر، فرغم رفضهم لكل أشكال التهديد هذه، إلا أنها لا تزال مستمرة من الجانب الآخر من الشريط الحدودي، لتحدث عدم استقرار ومخاوف لا محدودة.
تاريخ وجذور
سبّب دخول المجموعات المسلحة تحت راية "الجيش الحرّ" في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2012، هجرة معظم السكان المسيحيين من مدينة سري كانيه/رأس العين، والتي يسميها السريان الآراميون "رش عينو"، حيث يسكنها الآن ما يقارب /50/ عائلة فقط من ثلاث طوائف مسيحية.
وتعود جذور إقامة المسيحيين في المدينة في الوقت المعاصر إلى أكثر من مئة عام، بعد هجرتهم من الشمال بسبب مجازر السيفو والأرمن، التي ارتكبتها السلطنة العثمانية في ذلك الوقت، إذ ترفض الحكومة التركية الاعتراف إلى الآن، بمقتل مئات الآلاف من الأرمن والسريان على يد العثمانيين.
سعي للاحتلال ورفض مسيحي
ويرفض المسيحيون الباقون في رأس العين/سري كانيه، التهديدات التركية التي تطال مدينتهم، الواقعة ضمن المنطقة التي يجري تنفيذ "الآلية الأمنية" فيها، وفق اتفاق أمريكي – تركي وُقِع في آب/أغسطس الماضي.
وتقول أميرة حناوي وهي سيدة ستينية من السريان الأرثوذوكس، لـ"نورث برس"، بأن المنطقة تعيش حالة من "السلام والوئام بين مكوناتها المختلفة، ويعكر صفوها القلق والتوترات الناتجة عن التهديدات التركية باجتياح المنطقة".
وتردف حناوي قائلة: "إنها (تركيا) تسعى لاحتلال الأراضي السورية وضمها إليها".
وتبدي حناوي خلال حديثها، خشيتها من "أن يهجر المسيحيون مدينتهم، مثلما جرى معهم أثناء دخول فصائل المعارضة المسلحة إليها أواخر العام 2012، أو يقل عددهم".
واستحضرت السيدة الستينية، ذاكرة آباءها الذين تعرضوا للمجازر في ظل السلطنة العثمانية، مشيرةً إلى أن إجراءات "الآلية الأمنية" لم تؤثر على حياتهم اليومية بشكلها الحالي.
رفض التوطين
لا ينسَ أبناء المكون المسيحي، ما تتعرض له البلاد منذ /8/ سنوات، من تدخلات دول عديدة فيها، أبرزها تركيا، ويرفض عبد الأحد عبد الأحد، من سكان رأس العين، السياسات التركية التي تسعى لتوطين ملايين اللاجئين السوريين الذين ينتمون إلى مناطق مختلفة في شمال وشرقي سوريا.
في المقابل لم يبدِ عبد الأحد أي مانع أو رفض لعودة أهالي المنطقة إلى قراهم ومدنهم، فيما يرى أن للولايات المتحدة الأمريكية "مصالح عسكرية وسياسية طويلة الأمد في المنطقة، وأن تركيا لا تجرؤ على شن أي عملية عسكرية، لطالما هناك علم أمريكي في المنطقة"، على حد قوله.
حرية الطقوس الدينية
ومن بين المسيحيين المتبقين في المدينة عدة عائلات أرمنية، من كبارها فريج كشيشيان /58/ عاماً، الذي قال لـ"نورث برس"، بأنهم "كرعية صغيرة العدد، يمارسون حياتهم وطقوسهم الدينية بحرية كاملة".
ويضيف قائلاً: "تجتمع الرعية كل يوم أحد في الكنيسة التي يعود تاريخ بنائها إلى عشريات القرن الماضي، ويعيشون كطائفة أرمنية حياتهم وفق عاداتهم وتقاليدهم الخاصة".
وينظر إلى تفاعل مجتمع مدينة رأس العين، وانفتاحه عليهم، "كميزة لا تحسسهم بقلة عدد مكونهم" على حد وصفه.
كما يرفض كشيشيان من جانبه التدخلات الدولية في الشأن السوري، لا سيما التدخل التركي، مفيداً في نهاية حديثه أنهم "يدعون للمحبة والسلام ونحن كبقية الشعب السوري نطمح للعيش بسلام".
وبين تضاؤل أعداد العوائل التي تبقت في المدينة منذ أول هجوم تعرضت له في العام 2012، وحتى اليوم، يبقى المسيحيون في منطقة رأس العين/سري كانيه، يرفضون أي تدخل خارجي يدفعهم للخروج والهجرة من بلدهم.