عفرين – نورث برس
لم يعد صوت الرصاص يخترق مسامع قاطني عفرين، بعد أن تعودوا على سماعه لنحو أسبوع، وأسدل الستار على فصل آخر من فصول الاقتتال بين فصيل معارض وموالي لتركيا وآخر متشدد ومقرب منها بموجب اتفاق رعته أنقرة، إلا أن الميدان يقول إن بنوداً مخفية فُرضت على البنود التي تناقلتها وسائل الإعلام.
وحاول الفيلق الثالث المنضوي ضمن الجيش الوطني الموالي لتركيا صد محاولة تقدم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، إلا أن النتيجة النهائية كانت سيطرة الهيئة المصنفة على لوائح الإرهاب العالمية على مدينة عفرين وناحية جنديرس غربها، ومقتل 58 شخصاً معظمهم عسكريين، وفقاً للمرصد السوري.
عقب تصاعد حدة النزاع وتسريب أنباء تفيد بنية “تحرير الشام” التوجه نحو أعزاز، تدخلت أنقرة عبر جهازها الاستخباراتي والمتحكم فعلياً بالمشهد في آخر جيوب المعارضة شمال غربي سوريا، وأفضى التدخل إلى اتفاق قيل إن “النصرة” ستنسحب بموجبه من عفرين، وتلزم الطرفين على وقف إطلاق النار.
وبعد عشرة أيام من عقد الاتفاق وصمت الأسلحة، لا تزال القوى الأمنية لـ”تحرير الشام” متواجدة بمدينة عفرين وريفها وضمن مقرات فصيلي الجبهة الشامية وجيش الإسلام، ويتعدى الأمر وجودها الشكلي بل تشير الأحداث إلى امتلاكها نفوذاً أقوى من الفيلق الثالث، الخاسر في هذه المعركة.
انسحاب شكلي
بعد الاتفاق بيوم، شاهد سكان في عفرين، عربات عسكرية تحمل رايات “تحرير الشام” وقيل إن المشهد هو انسحاب الهيئة من عفرين، وسارعت وسائل إعلام معارضة إلى تداول أخبار مفادها انسحاب هيئة تحرير الشام من عفرين.
لكن قبل أقل من 24 ساعة، وبحجة “البحث عن متعاطين للمخدرات” داهم عناصر من هيئة تحرير الشام، منازل في حي الأشرفية وسط مدينة عفرين، يقيم فيها عناصر تابعين للفيلق الثالث، دون ورود معلومات إضافية عن مصير المطلوبين للهيئة.
وقبلها بيوم، داهمت دورية لجهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام، مزرعة يقطنها عناصر سابقون في جيش الإسلام في أطراف قرية باسوطة التي لا تبعد أكثر من عشر دقائق عن مركز مدينة عفرين، واعتقلت ثلاثة منهم.
وقال مصدر عسكري مطلع، لنورث برس، إن “العناصر الذين نفذوا المداهمة يتبعون للقيادي أبو عبدالله العراقي المسؤول عن أمنية عفرين ضمن تحرير الشام”.
وأمس الأربعاء، اقتحمت مجموعة أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام، مخيماً عشوائياً قرب دوار كاوا في مدينة عفرين، بحثاً عن ثلاثة عناصر تابعين للفيلق الثالث الطرف الآخر في الاقتتال، وسط إطلاق للرصاص بين الخيام، رغم أن الاتفاق نص على وقف إطلاق النار بينهما.
تداول انسحاب “النصرة” من عفرين تجاوز حدود مناطق النفوذ التركية، حيث طالبت السفارة الأميركية في دمشق، بالانسحاب “الفوري” لقوات هيئة تحرير الشام من المناطق التي سيطرة عليها شمالي حلب، خلال الاشتباكات.
وفي الثامن عشر من الشهر الجاري، قالت السفارة على فيس بوك، إنها تشعر بـ”بالغ القلق” من التوغل الأخير لهيئة تحرير الشام في مناطق بشمالي حلب، وذكرت السفارة الأميركية أن تحرير الشام مصنفة كـ”منظمة إرهابية”.
عيون تركية مغمضة
وتتواصل الاعتقالات التي تنفذها هيئة تحرير الشام ووجودها في عفرين تحت أنظار القوات التركية دون أن تبدي الأخيرة أي موقف حيالها، وفق رصد شبكة مراسلي نورث برس.
ويتزامن ذلك مع حديث عن مخطط تركي لدمج فصائل الجيش الوطني، ضمن جيش موحد جديد وتحت قيادة مركزية.
وكشف موقع “ميدل إيست آي “البريطاني، مخططاً تركياً لتوحيد فصائل الجيش الوطني بهدف إنهاء حالة “الفصائلية” التي تتسبب بتكرر حالات الاقتتال الداخلية فيما بينها، لكنه استبعد دمج هيئة تحرير الشام داخل القوة الجديدة، معلل ذلك بأنه ليس في الحسابات التركية.
ونقلت مصادر الموقع، أنه سيتم حل فصائل ومكونات الجيش الوطني بموجب الخطة الجديدة، وستظهر خلال الفترة القادمة قيادة مركزية وجيش موحد يشمل جميع الفصائل.
ووسط الغموض الذي يكتنف المشهد في آخر جيوب المعارضة، يبقى سؤال هل ستستلم الهيئة دفة قيادة المشهد العسكري والإداري؟ دون جواب في الوقت الراهن.