كوباني – نورث برس
لا يلبث عبد الله أن يجد حلاً لمصاريف زراعته، حتى يباغته قرار من الإدارة الذاتية يمعن في خسائره، فقلة الدعم والأسمدة والبذور والحراثة وارتفاع أسعارها، كانت تثقل كاهله.
كل ذلك يمكن أن يعوضه المزارع في إنتاجيته، واستدانته للمواد، لكنه بات متخوفاً بشكل كبير بعد تداول وسائل الإعلام، نية الإدارة الذاتية بيع المازوت بسعر 1500 ليرة، إذ أنه يعتمد على محركات تستجر المياه من الآبار، وهذا يجعله يعتمد على المحروقات بشكل كبير لسقاية أرضه.
عبد الله هوشان (45عاماً) من قرية جقل ويران 35 كم غربي كوباني، يقول إن لديه 30 هكتاراً سيزرعها كلها بمحصول القمح.
ويحتاج كل هكتار 400 كيلو من البذار، أي سيضع 13 طناً من البذور في أرضه، وفي حال اشتراها وفق التسعيرة التي حددتها الإدارة الذاتية، للبذار سيكلفه حوالي 29.5مليون ليرة (أكثر من 5.5 آلاف دولار أميركي).
ويتابع “هوشان” بتفصيل تكاليف زراعة أرضه، حيث أنها ستحتاج منه ستة أطنان من السماد الأسود، وهذا يعني أنه سيدفع 6600 دولار أميركي لقاء ذلك، عدا عن سماد اليوريا، الذي سيكلفه بالحد الأدنى 3500 دولار، وتبلغ تكاليف حراثة المزارع لأرضه حوالي 1500 دولار.
تصريحات ودراسة
لمعرفة رأيهم حول زيادة سعر المحروقات تواصلت نورث برس، مع عمر كنجو الرئيس المشارك لهيئة الزراعة والري في الفرات، قال إنهم سمعوا الشائعات من مواقع التواصل الاجتماعي، وإلى الحين “لا يوجد أي قرار بهذا الخصوص”.
لذلك، تواصلت نورث برس مع صادق الخلف الرئيس المشارك للإدارة العامة للمحروقات في شمال شرقي سوريا، إلا أنه رفض التصريح.
في حين صرّح لإذاعة محلية، أنهم يدرسون “رفع سعر المحروقات 1500 للمزارعين، على أن يُعاد من ثمنه 1300 ليرة نهاية الموسم فيما تضاف نسبة معينة لسعر الكمية المورّدة، وبالتالي سيكون المازوت بشكل مجاني”، بحسب ما ذكر للإذاعة.
وأضاف في تصريحه، أن “هذه الدراسة بنسبة كبيرة ستُطبق فعلياً، منعاً للهدر وضبط المساحات الوهمية، لوجود هدر ونسب وهمية كبيرة في الكميات المخصصة لمزارعين”، ووصف هذه الآلية بـ”الأمثل”.
ويرى “هوشان” أن الأراضي المروية تحتاج إلى تكاليف باهظة، وأن الأمر ليس بهذه السهولة، “أي أن نحدد سعر مادة المازوت بهذا الشكل غير المدروس ونطبقه على المزارعين”، وفق قوله.
وتداولت وسائل إعلام، نية إدارة المحروقات العامة رفع سعر المحروقات للمزارعين، وتسليمهم ثمنه عند تسليم المحصول للإدارة الذاتية.
هذا الآلية ستزيد من معاناة “هوشان”، إذ أنه سيضطر لدفع حوالي 60 مليون ليرة سورية، ثمناً للمحروقات، إضافة للتكاليف التي فصّلها مسبقاً.
وهناك تكاليف إضافية يدفعها المزارع، من صيانة المحركات وتبديل زيوت، وأيادٍ عاملة وتكلفة الحصاد والمبيدات والنقل، “كلها تكاليف باهظة الثمن”، طبقاً لما ذكر.
قرارات خاطئة
يرى محمود أن الزراعة تراجعت في الآونة الاخيرة بشكل كبير، لدرجة أن غالبية المزارعين يفكرون في العزوف عنها نتيجة القرارات الخاطئة، وعدم وجود خطط زراعية من الجهات المعنية.
ويقول محمود زكو (46عاماً) من سكان قرية زرك 32كم غربي كوباني، إن “هذه القرارات بمثابة إعلان حرب على المزارعين، سواء امتناع الإدارة عن شراء الذرة، ومن حفر الآبار الارتوازية، وكذلك قرار رفع سعر مادة المازوت، لأنها كلها ذات نتائج سلبية على المزارع وبشكل كبير”.
ويتساءل عن جدوى اتخاذ هكذا قرارات، ونتيجة لذلك ينوي ترك الزراعة، إذ أنه يمتلك 20 هكتاراً ستكلفه الكثير في ظل هذه القرارات، ولا تسعف الظروف المناخية “زكو” في اللجوء للزراعة البعلية، خاصة في ظل الخسائر التي تعرض لها مزارعوها آخر عامين.
كسابقيه، يشتكي محمد علي من قرية قوردينة 35 كم غربي كوباني، من ارتفاع تكاليف الزراعة والقرارات “المجحفة” التي تصدرها الإدارة الذاتية، والتي لا تشجع المزارعين على زراعة أراضيهم.
ويروي “علي” أرضه بواسطة محركات استجرار مياه كبيرة، والتي تحتاج لكميات كبيرة أيضاً من المحروقات، ويستخدمون تلك المحركات للمسافات العميق في آبارهم، والتي تزيد عن 70 متراً.
ومؤخراً، أصدرت الإدارة الذاتية قرارين آثارا استياء المزارعين، أحدهما يتعلق بامتناع الإدارة الذاتية عن شراء محصول الذرة والآخر يُمنع بموجبه حفر الآبار السطحية والبحرية، وهناك قرارٌ تدرسه الإدارة ببيع المحروقات بأسعار عالية للمزارعين.
ويرى مزارعون أن هذه القرارات تساهم بتراجع الزراعة في المنطقة، على الرغم من اعتماد غالبية سكان شمال شرقي سوريا على الزراعة كمصدر دخل أساسي.