السويداء-NPA
تُغالي يوماً بعد يوم الجهات الأمنية في السويداء، وإلى جانبها فرع حزب البعث العربي الاشتراكي، في التضييق على فرق ومنظمات العمل المدني في السويداء، في محاولة لوقف نشاطها بشكل تام، ودفع الناشطين للتوقف عن العمل أو السفر خارج البلاد.
توقيع تعهّد
قال ناشطون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية، في حديث مع "نورث برس"، إن "الوضع الأمني يزداد ضيقاً على الناشطين المدنيين في السويداء، فقد تم استدعاء عدد لا بأس به من أبرز الناشطين على ساحة المحافظة والذي كان بعضهم يديرون فرقاً للعمل المدني، خلال الفترة الماضية، وأجبروا على التوقيع على تعهد بإغلاق مكاتبهم وبعدم القيام بأي نشاط دون أخذ الموافقات المسبقة".
وأضافوا أن "أكثر من /25/ ناشطاً مدنياً تم وضع مراجعات لهم على أحد الأفرع الأمنية، بهدف منعهم من السفر، ورغم مراجعة غالبيتهم، إلا أن الإجراء لم يرفع عنهم، إضافة إلى أن الكثير منهم كانت تدور حولهم أسئلة إن كان لديهم تواصل مع مناطق الإدارة الذاتية، أو سبق لهم السفر إليها أو لديهم نية مستقبلية بالسفر".
حيلة المراجعة
ولفت النشطاء إلى أنه "عندما تعجز الجهات الأمنية عن إغلاق إحدى المنظمات كمنظمة جذور سوريا مثلا، تحاول التضييق على صاحب العقار المؤجر لهم، عبر وضع مراجعة له، لإصابته بنوع من الشلل، وخاصة أن من يمتلك العديد من العقارات والتعهدات ولديه حركة بيع وشراء، ما يعني أنه بحاجة إلى الموافقات الأمنية دائماً، أما بوضع إجراء المراجعة فهو لن يحصل عليها".
وتُسمع في السويداء الكثير من الإشاعات عن فرق ومنظمات العمل المدني، كلها تصب في مساعي فض المجتمع من حولها، بعدما تحولت مقراتها بشكل أو بآخر إلى أماكن تجمع للناس، من المهتمين بالجانب الثقافي إلى الناشطين السياسيين.
تهم ملفّقة
فعلى سبيل المثال أولى التهم الموجهة لمنظمات المجتمع المدني أن الناشطين ضمنها معارضين يسعون إلى بناء شعبية للانتفاض على السلطة، أو على الأقل سرقة شعبية حزب البعث، وتكفي تهمة المعارضة حتى يصبح الشخص تحت خطر الاعتقال ما إن يغادر المحافظة، أو على الأقل سيُتخذ بحقهم مذكرة مراجعة تتسبب في شلِّ حياتهم اليومية، وإن كانوا موظفين فاحتمال فصلهم من عملهم وارد.
ومن الإشاعات التي تبث أيضاً حول تلك المنظمات والفرق، أنها تموّل من الخارج، فإما يقال أنها تمول من تركيا، أو من إسرائيل، أو من الموحدين الدروز في فلسطين، ولبنان وخصوصاً وليد جنبلاط.
ويتساءل البعض إن كانت تلك الاتهامات صحيحة لماذا لا يؤخذ بحقهم إجراء قانوني، وخاصة أن بعض الناشطين منهم يبدون تحدياً إن كان لديهم دليل على تلك الإشاعات التي يتم نشرها في المجتمع بشكل ممنهج.
تأطير المنظمات
من جانبهم، يرى متابعون أن هناك في السلطة أشخاص ـ ويبدو أنهم كثر ـ ما زالوا لا يعترفون بوجود شيء يُدعى المجتمع المدني، ويصرون على تسميته المجتمع الأهلي، ويحاولون أن يكون أي عمل خارج المنظمات التابعة للحزب مثل الشبيبة والطلائع وحتى اتحاد الطلاب، عمل مؤطر في الجمعيات التي تم نص قانونها في منتصف القرن الماضي.
ويُعتقد أنه كان موجه بشكل رئيسي إلى الجمعيات الخيرية الإسلامية، ومع تعديلات القانون المتعاقبة أصبحت وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأمنية، مسيطرة عليها بشكل تام، إن كان بخطط عملها أو بحل وتشكيل مجالس إدارتها، وحتى هذه لا يوافق أمنياً لناشطي العمل المدني الترخيص تحتها.
ووفقاً لهؤلاء هناك سياسة تنفذ لوأد مشروع العمل المدني في السويداء وسوريا عامة، حيث يوجد جهة تحتكر العمل المدني ومن يريد العمل بهذا الإطار يجب عليه العمل تحت وصايتها، وهي نسخة مطوّرة عن منظمات الحزب القديمة لكن بذات العقلية الأحادية.
وهذا يجعل خيارات الشباب الناشط، إما السفر خارج البلاد، أو أن يسير مع التيار ويعمل ضمن العمل المدني المحتكر من قبل السلطة، وإما أن يقامر بحياته ومستقبله حيث من الصعب توقّع ما قد يحمله له المستقبل.