في الشهر الوردي .. تجارب مختلفة لنساء في القامشلي عانين من سرطان الثدي

القامشلي – نورث برس

بعد رحلة علاج دامت خمسة أعوام وأربعة أشهر متواصلة، تعافت دجلة (اسم مستعار)، كلياً من سرطان الثدي، وتحرص على إجراء فحوصات وتحاليل وصور كل ستة أشهر، وإرسالها لطبيبها في دمشق للاطمئنان على حالتها الصحية.

دجلة (46 عاماً) ، من مدينة القامشلي، تقول إنها فور شعورها بوجود كتلة صغيرة في ثديها الأيمن، راجعت طبيب الذي طلب بدوره تصويراً ماموغرافياً، ليتبين إصابتها بالمرض.

ساعد عدم إهمالها للاستفسار عن ماهية تلك الكتلة، بإنقاذ حياتها، بعدما استئصلت الثدي وتلقت جرعات كيمياوية في العاصمة دمشق.

ويمكن أن يكون علاج سرطان الثدي فعالاً للغاية، خاصة عند الكشف عن المرض في وقت مبكر، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي تتحدث إحصاءاتها أن قرابة امرأة من بين كل 12 امرأة تصاب بهذا المرض في حياتهن.

وتشدد المنظمة على ضرورة استشارة النساء اللواتي يجدن كتلة غير طبيعية في الثدي، أخصائياً صحياً دون تأخير لأكثر من شهر أو شهرين حتى عندما لا يشعرن بأي ألم مرتبط بها، فالتماس العناية الطبية عند ظهور أول علامة على وجود عارض محتمل يتيح الحصول على علاج أكثر نجاحاً.

وتعتقد دجلة أن التفكير الإيجابي والقوة والإصرار، استناداً إلى تجربتها، يساهم في التخفيف من الصدمة النفسية الناجمة عن الإصابة بالمرض.

وتضيف، “عند ذهابي لدمشق لأخذ جرعاتي لم أكن أفكر أبداً بالمرض، بل العكس تماماً، كان لدي تفكير إيجابي للتخفيف من التوتر، بالقوة والإصرار تغلبت على المرض”.

“الشهر الوردي”

وفي هذا الشهر من كل عام، والذي يخصص للتوعية بالمرض، تصب منظمات وجمعيات جل عملها لتوعية النساء وتشجيع البرامج الصحية للكشف عن المرض في مراحله الأولى.

ومنذ بداية الشهر، أطلقت “نيكست ستيب” وهي منظمة محلية تعنى ببرامج أساسية كالتنمية وبناء السلام في شمال شرقي سوريا، حملة الكترونية لتوعية النساء بخطورة المرض وضرورة مراجعة المراكز المختصة للكشف عنه وإجراء الفحوصات الدورية للثدي.

وتقول مسؤولة المناصرة والاعلام والتواصل بالمنظمة، آريا حاجي، إن الحملة تتضمن التعريف بالمراكز الموجودة وطرق الفحص ومراحله, ووسائل الفحص بحسب الأعمار.

وتشير إلى أن الحملة تستهدف النساء والرجال, ولكن بما أن النساء تشكلن النسبة الأعلى من حيث إصابتهن بالمرض، فهن المستهدفات الأكثر في الحملة المقررة أن تستمر حتى نهاية الشهر الجاري.  

ورغم غياب الإحصائيات الدقيقة للحالات المسجلة بالمرض في شمال شرقي سوريا خلال العام الجاري، إلا أن أطباء يؤكدون لنورث برس أن حالات الإصابة في ازياد كل عام.

واستناداً إلى مركز تابع لمنظمة الهلال الأحمر الكردي في القامشلي، منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، أجرت 1292 امرأة الفحص للكشف عن المرض، بينهن كانت 27 إصابة مؤكدة.

وبحسب إدارة المركز فإن غالبية الإصابات يتم الكشف عنها بعد مراجعة أطباء في العيادات الخاصة، وإجراء صور وتصوير في دمشق.

فيما شخص آلان خلف، أخصائي في طب الأورام الصلبة والمعالجة الكيميائية في القامشلي ومداوم بمشفى بيروني بدمشق، 40 حالة مؤكدة بالمرض، خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العام الحالي في عيادته وذلك بعد طلب صور وتصوير للمراجعات.

“إهمالي أطال فترة علاجي”

وتتلخص أعراض المرض بظهور كتلة أو احساس المرأة بوجودها في أحد الثديين أو كلاهما واحمرار جلد الثدي وتغير حجمه وشكله، وتغير في مظهر الحلمة وظهور إفرازات من خلال الحلمة.

وفي حال ظهور أحد هذه الأعراض يجب مراجعة الطبيب، دون أي تأخير، ففرص النجاة من المرض أثناء الكشف عنه في وقت مبكر، تكون مرتفعة.

ولا يعتبر سرطان الثدي مرضاً واحداً بل هو طيف واسع من الأمراض, ويحدد ذلك النمط النسيجي للورم ودرجة الورم ومرحلته, إذ يقسم إلى أربع مراحل وتزداد الخطورة بازدياد المرحلة، بحسب “خلف”.

وقبل نحو عامين، لاحظت حنيفة حسن (67 عاماً)، من سكان القامشلي، بوجود كتلة بثديها الأيسر، “لكن لم أهتم للأمر كثيراً ولم أراجع طبيباً”.

لكن قبل عام، بدأت السيدة الستينية تشعر  بألم لم تستطع تحمله، ما دفعها لمراجعة طبيب الذي طلب منها إجراء فحوصات بدمشق، ليتبين وجود ثلاث كتل سرطانية في ثديها الأيسر.

بدأت “حسن” بالعلاج الكيميائي، وهو حقن الثدي بست ابر بمعدل واحدة كل شهر، وكان يكلفها كل ابرة مليون وثلاثمئة ألف ليرة سورية.

بعد الجرعة الثانية بدأت تفقد شعر رأسها وحواجبها تدريجياً، “لكن ذلك لم يكن شيئاً مقارنة مع الألم ما بعد أخذ الجرعة”.

بعد الانتهاء من الجرعات الكيماوية, بدأت بأخذ ابر الهرمون، حيث كان يكفلها شراء كل ابرة 150 دولار, وقبل حوالي ثلاثة أشهر أرسلت “حسن”،  CD لطبيبها بدمشق ، إذ أخبرها أنه تم علاج كتلتين كلياً، فيما لا تزال كتلة واحدة.

وتشير السيدة الستينية إلى أنها ستنتهي من الجرعات بعد أربعة أشهر، حيث ستراجع طبيبها الذي أخبرها مسبقاً باحتمالية استئصال الكتلة في حال لم تفي الجرعات بعلاج الكتلة المتبقية.  

تقول “حسن” بلهجتها المحلية، “لو من الأول ما طنشت ما كنت وصلت لهون هلا، أثناء ظهور كتلة لم أهتم لها، إهمالي أطال فترة علاجي وضاعف ألم المرض”.

وفي المقابل، لم تفلح كل الجرعات الكيميائية في إنقاذ حياة والدة منيرة رسول (45 عاماً) التي اكتشفت إصابتها بالمرض في مرحلة متأخرة.

تقول “رسول” إن والدتها شيرين علي (62 عاماً)، من سكان القامشلي، اكتشفت إصابتها بالمرض قبل سبع سنوات، حيث استأصل طبيبها المشرف على حالتها ثديها الأيسر لتجنب انتشار المرض أكثر.

ولكن وبعد عامين من عملية الاستئصال، ساء وضع “علي” مرة أخرى ليتبين بعد مراجعة الطبيب ظهور كتل بنفس المكان، لتبدأ بتلقي العلاج في إقليم كردستان العراق، لكن استشراء الداء في جسدها حال دون إنقاذ حياتها.

إعداد: نالين علي – تحرير: سوزدار محمد